للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخرجك من الأمر، قد جعل لك الأمر بعد ابنه، فأجابَه وأتى سلم أبا جعفر فأخبره بذلك، فسُرَّ وحظي [سلم] (١) عنده، وبايع عيسى، ووفَى له المهديُّ بما ضمن، وكان قد ضمن له عشرة آلاف ألف درهم، وثلاث مئة ألف درهم بين أولاده، وسبع مئة ألف لواحدة من نسائه، فوفى له أبو جعفر بجميع ذلك، وكساه كسوة قيمتُها ألف ألف درهم ومئتي ألف درهم (٢).

وكانت ولاية عيسى بن موسى على الكوفة وسوادها ثلاث عشرة سنة.

ولمَّا بويع المهدي قيل لشبيب بن شيبة (٣) التميمي: كيف رأيت؟ فقال: رأيت الداخل راجيًا والخارج راضيًا.

ولقي عيسى بن موسى لشريك بن عبد الله القاضي، وكان قد عُزِل عن القضاء، فقال له: يا أبا عبد الله، أما رأيت قاضيًا عُزِل؟ فقال: بلى، ورأيتُ وليَّ عهد خُلع.

ولما عهد أبو جعفر إلى المهدي أوصاه فكان مما قال له: استدم النعم بالشكر، والقدرة بالعفو، والطاعة بالتأليف، والنصر بالتواضع، ولا تُبرِم أمرًا حتى تفكِّر فيه، فإنَّ فكر العاقل مرآته تريه حسناته وسيئاته، واعلم أن لا تعمر البلاد إلَّا بالعدل، ولا تدومُ نعمةُ السُّلطان إلا بالمال، وأقدر الناس على العفو أقدرُهم على العقوبة، وأعجزُ الناس مَنْ ظَلَمَ من هو دونه (٤).

وفيها غارت الترك مع استرخان الخوارزمي على تفليس، وكان بها حرب بن عبد الله الراوندي الذي تنسب إليه الحربية ببغداد، فخرجَ إليهم، فقاتلهم فقتلوه، وقتلوا خلقًا كثيرًا من المسلمين وسبوا.

وفيها انتثرت الكواكب من أوَّل الليل إلى الصباح، فخاف الناس (٥).

وفيها حجَّ أبو جعفر، وعزم على قبض جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، فنجَّاه الله منه.


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) انظر أنساب الأشراف ٣/ ٢٨٩، وتاريخ الطبري ٨/ ٢٤ - ٢٥.
(٣) في (خ) و (ب): شبه. والمثبت من أنساب الأشراف ٣/ ٢٩١.
(٤) المنتظم ٨/ ١٠٥.
(٥) تاريخ الطبري ٨/ ٧.