للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى أبو عثمان المازني قال: بينما معن جالس في أصحابه إذ أقبلَ أعرابيٌّ راكبٌ على بعير، فجاء حتى أبركَ بعيرَهُ ووقف بين يدي معن وقال: [من المنسرح]

أصلحكَ الله قلَّ ما بيدي … فما أطيقُ العيال إذ كثروا

ألحَّ دهرٌ رمى بكلكلِهِ … فأرسَلُوني إليكَ واعتذروا (١)

قال: فأخذت معن أريحيَّة وقال: لا جرمَ، والله لأُعجلنَّ أوبتَك، ثمَّ قال: يا غلام، ناقتي الفلانيَّة وألفُ دينار، فدفعَها إلى الأعرابيِّ وهو لا يعرِفُه.

وحكى القاضي التنوخي قال: إنَّ معنَ بن زائدة أُتي بثلاث مئة أسير، فأمرَ بضرب أعناقهم، فقال له غلام منهم: يا معن، تقتلُ أسراك وهم عِطاش؟ فقال: اسقوهم، فسقوهم، فقال: اقتلوهم، فناداه ذلك الغلام: يا معن، تقتلُ أضيافك؟! فأطلقهم (٢).

وقال العتبي: كان معن مع جوده أحلمَ الناس.

ذكر وفاته:

حكى البلاذري قال: ولَّى أبو جعفر معن بن زائدة سجستان، فاندسَّ له قومٌ من الخوارج مع قومٍ من الصنَّاع كانوا يعملون في داره، فقتلوه وهو يحتجم، فقتلهم يزيد بن مزيد (٣).

وقال يعقوب بن سفيان: قتل معن بأرض خراسان سنة اثنتين وخمسين ومئة (٤).

وقال الخطيب: بلغني أنَّ المنصور ولَّاه سِجستان، فنزل بُست، فأساء السِّيرةَ في أهلها فقتلوه (٥).

ورثاه الشعراء، فقال الحسين بن مطير وهو من شعراء الحماسة هذه الأبيات: [من الطويل]

ألِمَّا على معنٍ فقولا لقبره … سقتكَ الغوادي مَرْبعًا ثم مَرْبَعَا


(١) في تاريخ بغداد ١٥/ ٣١٧: وانتظروا.
(٢) الفرج بعد الشدة ٤/ ٩١.
(٣) أنساب الأشراف ٣/ ٢٧٠.
(٤) المعرفة والتاريخ ١/ ١٣٩.
(٥) تاريخ بغداد ١٥/ ٣٢٢ - ٣٢٣.