للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيا قبر معنٍ كيف واريتَ جُودَهُ … وقد كان منه البَرُّ والبحرُ مُتْرَعا

ويا قبر معنٍ أنت أوَّلُ حفرةٍ … من الأرض خَطَّتْ للسماحة مَضْجَعا

بلى قد وسعتَ الجود والجودُ ميِّتٌ … ولو كانَ حيًّا ضِقْتَ حتى تَصدَّعا

فتًى عِيشَ في معروفه بعدَ موتِه … كما كان بعد السَّيلِ مجراهُ مرتعا

ولما مضى معنٌ مضَى الجود وانقضى … وأصبحَ عِرْنينُ المكارمِ أجدعا (١)

وهي من قصيدة منها:

وما كان إلَّا الجودُ صورةَ وجهه … فعاش كريمًا ثم ولَّى مودِّعا

وقد كان معن في المواقف غُرَّةً … لآل نزارٍ ساميَ الطَّرفِ أروَعا (٢)

ولما بلغت هذه الأبيات محمد المهدي شقَّ عليه فغضب وقال: ما أبقى ابن مطيرٍ لنا ولغيرنا شيئًا، فحكى البلاذري قال: خرج محمد المهدي يتصيَّد، فلقيَه الحسينُ بن مطير فأنشده: [من البسيط]

أضْحَتْ يمينُك من جودٍ مصورةً … لكن يمينُك (٣) منها صورةُ الجودِ

من حُسنِ وجهك تُضْحِي الأرضُ مشرقةً … ومن بنانكَ يجري الماءُ في العودِ

فقال له المهدي: كذبتَ، وهل تركتَ لأحدٍ في شعركَ موضعًا بعد قولك في معن:

ألِمَّا على معنٍ وقولا لقبره

فقال له الحسين بن مطير: يا أمير المؤمنين، وهل معن إلَّا حسنةٌ من حسنات أبيك، أو من حسناتك، فرضي عنه، وأمرَ له بألفي دينار.

وقال الحافظُ ابن عساكر: كان الشافعيُّ ينشد للحسين بن مطير هذه الأبيات: [من الطويل]

وليس من الفتيان من راحَ أو غدا (٤) … لشرب صَبُوحٍ أو لشربِ غَبُوقِ

ولكن فتى الفتيانِ من راحَ واغتدى … لضرِّ عدوٍّ أو لنفعِ صديقِ


(١) الأمالي ١/ ٢٧٥.
(٢) انظر أنساب الأشراف ٣/ ٢٧٠، وتاريخ بغداد ١٥/ ٣٢١ - ٣٢٢.
(٣) في تاريخ بغداد ١٥/ ٣٢١، وتاريخ دمشق ٥/ ١٣٠ (مخطوط): لا بل يمينك.
(٤) في تاريخ دمشق ٥/ ١٣١: وليس فتى الفتيان من راح واغتدى.