يوسف؟ قال. ملك مصر، قال: ما أصنع بالملك، على أي دين تركته؟ قال: على دين الإسلام، قال: الآن تمت النعمة (١).
وقال علماء السير: كان يوسف قد بعث إلى أبيه بمئتي راحلة وجهاز، وسأله أن يأتيه بأهله وولده أجمعين، فتهيأ يعقوب وسار، فلما دنا يعقوب من مصر كلَّم يوسفُ الملكَ الَّذي فوقه في خروجه، فخرج يوسف والملك في أربع مئة ألف من الجند، وركب معهما أهل مصر يتلقون يعقوب، وأقبل يعقوب يمشي وهو يتوكأ على يهوذا، فنظر يعقوب إلى الخيل والناس فقال يعقوب: يا يهوذا هذا فرعون مصر؟ قال: هذا ابنك، فلما دنا كلُّ واحدٍ منهما من صاحبه ترجَّلَ يوسف وذهب ليبدأه بالسلام، فمنعه يعقوب من ذلك لأنَّ القادم يسلِّم، فقال يعقوب: السلام عليك يا مُذْهِبَ الأحزان.
وقال سفيان الثوري: لما التقيا عانق كلُّ واحدٍ منهما صاحبه، وبكى يعقوب ويوسف، فقال يوسف: يا أبتِ بكيتَ عليَّ حتَّى ذهب بصرك، ألم تعلم أن القيامة تجمعنا؟ قال: بلى، ولكنْ خفتُ أن يُسْلَبَ دينك فيُحال بيني وبينك [يوم القيامة].
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيهِ أَبَوَيهِ﴾ [يوسف: ٩٩] فإنا قيل: فأمه كانت قد ماتت، فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن الله أحيا أمه راحيل وأقامها من قبرها حتَّى سجدت له تحقيقًا لرؤياه، قاله الحسن.
والثاني: أن المراد خالته، لأنها أمه من حيث المعنى، قاله ابن عباس.
﴿وَرَفَعَ أَبَوَيهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ أي: على السرير، أجلسهما معه ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ بأجمعهم، وليس المراد به وضعَ الجبهةِ لأنه حرام في جميع الشرائع لغير الله، وإنما أراد الانحناء والتواضع على طريق التحيّة والتسليم لا على وجه العبادة والتعظيم، فقال يوسف عند ذلك واقشعر جلده: ﴿هَذَا تَأْويلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا﴾.
فإن قيل: فلمَ لم يسجد له إخوته حين عرفوه؟ فالجواب: لأنه رأى الشمس والقمر والكواكب قد سجدوا له جملةً، فتأويل رؤياه يكون كذلك.