للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشعب، فجاء فوجدَ الباب مغلقًا، فتسوَّر الحائط، فقال له سالم: ويحكَ، تسوَّرت علي بناتي وحرمي، فقال: قد علمتَ ما لنا في بناتك من حقٍّ وإنك لتعلم ما نريد، فضحك سالم وأعطاه طعامًا، فأكل وحملَ معه إلى بيته.

وقال الزبير: أكل أشعبُ يومًا مع سالم (١) تمرًا، فجعل يقرنُ تمرتين تمرتين، فقال له سالم: قد نهَى رسول الله عن القِرَان في التمر (٢)، فقال: لو رأى رسولُ الله هذا التمرَ لرخَّصَ فيه حفنةً حفنة.

قال: وقيل لأشعب: لم لا تتزوَّج؟ فقال: أريدُ امرأةً أتجشَّأُ في وجهها فتشبع، وتأكلُ فخذَ جرادةٍ فتتخم.

وقال الزبير: وفدَ أشعبُ على الوليد بن عبد الملك، فاستدعى بالمغنين، قال أشعب: فمنعني الحاجب فقلت: مكِّنِّي من الدخول ولك نصفُ ما يحصلُ لي، فقال: قد مكَّنتُك، فدخلتُ، فغنَّى القوم فأجازهم ولم يجزني، فقلت: يا أمير المؤمنين، اضربني مئةَ سوط نصفُها للحاجب، ففهم فقال: لا بل أعطيكَ مئة دينار وللحاجب مثلها.

وقيل: إنَّ هذه الواقعة جرت لأشعب مع الوليد بن يزيد بن عبد الملك.

وقال الهيثم: رأى أشعب رجلًا يشوي دجاجةً أوَّل النهار فلم يأكلها، ثمَّ عاد آخرَ النهار فشواها، فقال أشعب: هذه الدجاجةُ مثل آل فرعون يعرضون عليها غدوًّا وعشيًّا.

وبلغَ فاطمة بنت الحسين وكانت مولاته، فقالت: أوَبَلَغ من هزل الخبيث أنْ يتلاعبَ بالقرآن؟ وضربَتْهُ مئةَ سوط، وأعطتهُ مئة دينار.

وقال الزبير: قيل له: ما بلغ من طمعك؟ فقال: ما زفَّت امرأةٌ إلى زوجها إلَّا كنستُ بيتي رجاءَ أن تهدى إليّ، ولا رأيتُ دخانًا طالعًا من دارٍ إلَّا ظننت أن أهله يبعثون إليَّ بطعام.

قال: واجتازَ يومًا بقومٍ ينسجونَ شقة (٣)، فقال: طوِّلوها لعلَّ أن يُهدَى إليَّ منها شيء.


(١) هو سالم بن أبي الجعد، كما في تاريخ بغداد ٧/ ٥٠٤ (من غير طريق الزبير).
(٢) حديث النهي عن القرآن أخرجه البخاري (٢٤٥٥)، (٢٤٨٩)، (٢٤٩٠)، (٢٤٤٦)، ومسلم (٢٠٤٥).
(٣) كذا.