للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أبو نعيم عن أحمد بن أبي الحواري قال: مرَّ بعضُ الجند بإبراهيم وهو ينظرُ كرمًا، فقال له: ناولني من هذا العنب، فقال: ما أذنَ في صاحبُه فيه، فقلب السوط وجعل يقنِّعُ رأسَه، وإبراهيمُ يطأطئ رأسَه ويقول: اضرب رأسًا طالما عصى الله، فأعجز الرجل عنه ومضى (١).

وفي رواية: فرآه رجلٌ يَعرِفُ إبراهيم، فقال للجندي: ويحكَ ما الذي صنعت، هذا إبراهيم بن أدهم، ترك ملْكَ خراسان، فنزلَ الجنديُّ عن فرسه، وجاءَ فوقع على قدمي إبراهيم يُقَبِّلهما ويبكي ويعتذر إليه، فقال له إبراهيم بن أدهم: الرأسُ الذي يحتاجُ اعتذارَك تركته ببلخ.

وروى أبو نعيم عن عليِّ بن بكَّار قال: كنَّا جلوسًا يومًا بالمصيصة، وفينا ابن أدهم، فقدم رجلٌ من أهل خراسان، فقال: أيُّكم إبراهيم بن أدهم؟ فقلنا: هذا، فقال: إنَّ إخوتك قد بعثوني إليك، فلمَّا سمع بذكر إخوته قام وأخذ بيده فنحَّاه ناحيةً وقال: ما الذي جاء بك؟ فقال: أنا عبدك، ومعي فرس وبغلة وعشرةُ آلاف درهم، بعثَ بها إليك إخوتك، فقال: إن كنت صادقًا فأنت حرّ، وما معك لك، ولا تخبرن أحدًا، اذهب. فانصرف الرجل (٢).

وحكى ابن باكويه الشيرازي قال: كان إبراهيم بعسقلان جالسًا، فجاء خادم، فلمَّا رآه نزل من فرسه وجعل يقبِّل يدي إبراهيم وقدميه ويبكي، فقال له إبراهيم: ما الذي أقدمَك إلى هاهنا؟ قال: ماتَ بعض مواليك، وقد أتيتُك بميراثه ثلاثين ألف درهم، فقال: ما لكم ولاتِّباعي، فقال الخادم: قد تعنَّيتُ من بلخ إلى هاهنا، فاقبلها مني، فقال: إنْ كان ولا بد، فاقسمها ثلاثة أثلاث، ثلث لك ولعيالك (٣)، وثلث لمساكين بلخ، وثلث لمساكين عسقلان، ففعل الخادم ذلك.

وحكى ابن باكويه أيضًا عن أبي سليمان الداراني قال: صلَّى إبراهيم بن أدهم خمس عشرة صلاةً بوضوءٍ واحد.


(١) حلية الأولياء ٧/ ٣٧٩.
(٢) حلية الأولياء ٧/ ٣٨٣.
(٣) في صفة الصفوة ٤/ ١٥٦: ثلث لك لعنائك.