للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنعيم، فضلُّوا الطريقَ المستقيم، فنظرَ إليَّ، وتبسَّم وقال: من أين لك هذا الكلام (١)؟

وحكى في "المناقب" أيضًا عن إبراهيم أنَّه كان يقول: ما كانت لي قطُّ مؤنة على أصحابي إلَّا في شيءٍ وإحد، ما كنتُ أحسن أن أكري نفسي من الحصادين، فكانوا يكرونني ويأخذونَ الأجرةَ لهم (٢).

وحَكى أيضًا عن يزيد بن سفيان قال: كان إبراهيمُ قاعدًا شرقي دمشق (٣)، فمرَّ به رجلٌ راكبٌ على بغلة، فقال: يا أبا إسحاق، إنَّ لي إليك لحاجة، قال: وما هي؟ إن أمكنني قضاؤها فعلت، فقال: إنَّ برد الشام لشديد، وإنِّي أريدُ أن أبدِّل ثوبيك هذين بثوبين جديدين، فقال له إبراهيم: إن كنت غنيًّا قبلتُ منك، وإنْ كنتَ فقيرًا لم أقبل منك، فقال: أنا والله كثير المال والضياع والعبيد والتجارات، فقال له إبراهيم: ألا أراكَ تغدو وتروح على بغلتك هذه؟ فقال: أعطي هذا، وآخذ من هذا، فقال له إبراهيم: فأنتَ فقير؛ لأنَّك تبتغي الزيادة، لا أقبلُ منك شيئًا.

وحكى أيضًا في "المناقب" عن إسحاق بن فديك [حدثنا أبي] قال: خرجتُ أنا وإبراهيم نريدُ الغزو، فبينما نحن في الطريق إذ سمعنا جلبةَ، فإذا بإبراهيم بن صالح قد خرج إلى الصيد ومعه البُزاة والشواهين، ومعه الكلاب، ومعه جواريه مرخيات شعورهنَّ، متبرجات، فنظرتُ إليهنَّ، فقال لي إبراهيم: منه يا فديك، لا تنظر إليهنَّ، قذرات يحضن ويبلن ويتغوطن ويهرمن، واعمل للواتي لا يحضنَ ولا يبُلن ولا يهرمْن، عربًا أترابًا، كأنَّهن الياقوت والمرجان، قال: وانتهينا إلى الكروم والأعناب فقال: يا فديك: لا تنظر إلى المقطوع الممنوع، واعمل لغير المقطوع الممنوع، ثم دخلنا إلى صور، ونحن نريدُ الركوب في البحر للغزو، واجتمعنَا خمسةَ نفر، فقلنا: لا بدّ أن يأتيَ كلُّ واحدٍ بدينارين لأجل المركب، فتفرقنا وقصدَ إبراهيمُ خلاءً من الأرض، وصلَّى ركعتين، والتفتُّ فإذا ما


(١) مناقب الأبرار ١/ ٥٧. وليس فيه قوله: لا نُسأل عن حجّ ولا زكاة.
(٢) مناقب الأبرار ١/ ٦٨.
(٣) في مناقب الأبرار ١/ ٥٣، وحلية الأولياء ٧/ ٣٩٣، وتا ريخ دمشق ٢/ ٣٧١ من طريق أبي نعيم: في مشرفة بدمشق.