للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حولَه ذهب يقد، فأخذَ منه دينارين وقال: لا حاجةَ لي في سواهما (١).

في "المناقب" أيضًا عن إبراهيم بن أدهم قال: كنتُ بالبيت المقدَّس، فبت ليلةً تحت الصخرة، فرأيتُ ملكيت قد نزلا من السماء، فقال أحدُهما للآخر: مَنْ هاهنا؟ فقال: إبراهيم بن أدهم، قال: ذاك الذي حطَّ الله درجة من درجاته، قال: ولم؟ قال: لأنَّه اشترى بالبصرة تمرًا، فوقعت تمرةٌ من تمر البقَّال على تمره، قال إبراهيم: فانتبهتُ فزعًا، وتجهَّزتُ إلى البصرة، واشتريتُ تمرًا من ذلك البقَّال، وألقيتُ على تمره من تمري واحدة، ثمَّ عُدت إلى البيت المقدَّس، فنمتُ تحت الصخرة في ذلك المكان، فلمَّا كان في الليل نزل الملكان، فقال أحدهما لصاحبه: مَنْ هاهنا؟ فقال: إبراهيم بن أدهم. قال: ذاكَ الذي ردَّ الله منزلتَه ورفع درجته؟ قال: نعم (٢).

وحكى في "المناقب" أيضًا عن بقيَّة بن الوليد قال: حدثني إبراهيم بن أدهم قال: تعلَّمتُ المعرفة من راهبٍ يسكنُ ديرَ سمعان (٣)، أُخبِرتُ بصومعتِه، وقلت له: كم لك في هذه الصومعة؟ فقال: منذ سبعين سنة، قلت: فما طعامك؟ فقال: كل ليلة حمصة، قلت: وكيف تقيم صلبك؟ فقال: انظر إلى هذه الأديرة التي حولي، إنَّهم يأتون في السنة إلى صومعتي يومًا واحدًا، يزينونها ويعظمونها ويطوفون حولها، يجعلون ذلك اليوم عيدًا، فكلَّما ضعفت نفسي من الجوع ذكرتُ ذلك اليوم، فتقوى نفسي، فاحتمل أنت يا حنيفي تعبَ الساعة لعزِّ الأبد. قال: فوقرت المعرفةُ في قلبي، ثمَّ قال: اصبر ترى العجب، ثمَّ ألقى إلي عشرين حمصة، وقال: ادخل هذا الدير، وقل: هذه من قُوتِ الراهب، فإنَّهم قد أبصروني حين ألقيتُها إليك، قال: فأخذتُها ودخلتُ الدير، فقالوا: ما هذه؟ قلت: من قوت الراهب، قالوا: وما تصنع بها؟ نحن أحقُّ بها منك، فبعها منَّا، فبعتُ كل حمصة بدينار، ثمَّ رجعتُ إليه فأخبرتُه، فقال: يا حنيفي، أخطأت، لو طلبتَ منهم عشرين ألف دينار لأعطوك، ثم قال: يا حنيفي هذا عزُّ من لا يعبدُه، فكيف عزُّ من يعبده، قال:


(١) مناقب الأبرار ١/ ٥٣ - ٥٤.
(٢) مناقب الأبرار ١/ ٥٥.
(٣) كذا في (خ). وفي مناقب الأبرار ١/ ٦٣، وحلية الأولياء ٨/ ٢٩: تعلمت المعرفة من راهب يقال له: أبا سمعان.