للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألم تريا (١) أنَّ الإمامَ أقامني (٢) … بمسجدِه والقصرِ ما لي وللقصرِ

يكلِّفني الأولى جميعًا وعَصرها … فويلي من الأُولى وويلي من العصرِ

ويمنعني عن مجلسٍ أستلذُّه … وأكرمُ فيه بالسماعِ وبالخمرِ

وما ضرَّهُ والله يغفر ذنبه … لو أنَّ ذنوبَ العالمينَ على ظهْرِي

وبعثَ بها إلى أبي جعفر فقرأها وقال: قاتلَه الله، يحملُ ما أراد، دعوه.

وحكى الأصمعيُّ أيضًا قال: دخلَ أبو دلامة يومًا على المهدي في خلافته وهو يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: ماتت أم دُلامة، فاغتمَّ المهدي، وأعطاه أربعة آلاف درهم وثيابًا برسم الكفن، فخرجَ من عنده، وقال لامرأته: قومي فادخلي على الخيزران، وقولي لها: مات أبو دُلامة، ففعلت، فأعطتها مثلَ ما أعطاه المهدي، واتَّفق دخولُ المهدي على الخيزران، فعزَّته في أبي دلامة، فقال: الساعة خرجَ من عندي وأخبرني بموتِ امرأته، وأعطيته كذا وكذا، فقالت: والساعةَ كانت عندي امرأتُه، وأخبرت أنَّه مات، وأعطيتُها كذا وكذا، فقال المهدي: عملونا (٣) والله، فلما كان بعد يومين دخلَ على المهديّ فقال له: يا أبا دُلامة أحياةٌ بعد الموت؟ فقال: ﴿ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ﴾ [الروم: ٢٠] فضحكَ المهديُّ ولم يقل شيئًا.

وقال الهيثم بن عديّ: دخل أبو دلامة على أبي جعفر فأنشده:

لو كان يَقعدُ فوقَ الشمس من كَرَم … قومٌ لقيل اقعدوا يا آلَ عباسِ

ثمَّ ارتقُوا في شعاعِ الشمس كلُّكم … إلى السماء فأنتُم سادة الناسِ

فقال له أبو جعفر: حدث أمر؟ قال: نعم وَلدت في البارحةَ ابنة، فقلت فيها هذين البيتين: [من الوافر]

فما ولدتك مريمُ أمُّ عيسى … ولم يكفلك لقمانُ الحكيمُ

ولكن قد تضمُّك أمُّ سوء … إلى لَبَّاتها وأبٌ لئيمُ (٤)


(١) في (خ): تر. والمثبت من الأغاني ١٠/ ٢٤٨.
(٢) في الأغاني ١٠/ ٢٤٨: أن الخليفة لزني.
(٣) كذا في (خ). وفي تاريخ بغداد ٩/ ٥٢٢ - من غير طريق الأصمعي-: خدعانا والله.
(٤) انظر الأغاني ١٠/ ٢٣٩ - ٢٤٠، وتاريخ بغداد.