للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى عبدُ الله بنُ أحمدَ بن حنبلٍ عن ابن المباركِ أنَّه كان يقول؛ وهل الأمرُ إلَّا ما كان عليه داودُ الطائي.

وحكى أبو نُعيم (١) أنَّ امرأةً من أهل داودَ صنعت ثريدةً بسمن، ثم بعثت بها إليه عند إفطاره مع جاريةٍ لها، قالت الجارية: فوضعتُ القصعةَ بين يديه، فشرع يأكل، وإذا بسائل على الباب، فقام فدفعها إليه وجلس معه على الباب حتى أَكلها، ثم دخل فغسل القَصعة، ثم عمد إلى تمرٍ كان بين يديه قد أعدَّه لإفطاره، فوضعه في القصعة ودفعه إليها وقال: أَقرئيها السَّلام. قالت الجارية: فدفع إلى السائل ما جئناه به، ودفع إلينا ما أَعدَّه لإفطاره، وبات طاويًا.

وروى الخطيبُ (٢) عن إسماعيلَ بن زَبَّانَ قال: قالت دايةُ داود: يا أبا سليمان، أَما تشتهي الخبز؟ فقال: يا داية، بين مَضغ الخبزِ وشُربِ الفَتيت قراءةُ خمسين آية.

وروى أبو نُعيم (٣) عن عبد اللهِ بن صالح العِجلي قال: دخلتُ على داودَ في مرضه الذي مات فيه، وليس في بيته إلَّا دَنٌّ مقيَّر يكون فيه خبزٌ يابس ومِطهرة، ولَبِنة على التُّراب يجعلها تحت وسادة، فهي مِخدَّته، وليس في بيته لا قليلٌ ولا كثير.

وقال قَبِيصة: كان يشرب الماءَ السُّخْن، فيقال له: أما نبرِّد لك الماء؟ فيقول: الذي يُبرَّد له الماءُ في الصيف ويسخَّن له الماءُ في الشتاء لا يحبُّ لقاءَ اللهِ تعالى.

وقال محمدُ بن حسَّان: قدم محمدُ بن قَحطبةَ الطائيُّ الكوفةَ وكان ابنَ عمِّ داود، فأرسل إلى داودَ ببدْرة (٤)، فردَّها، فأرسل إليه ببَدرتَين مع مملوكين وقال لهما: إنْ قبلهما فأنتما حُرَّان، فأَتيا إليه، فردَّهما، فقالا: إنَّ في قَبولهما عِتقَنا، فقال: إنْ كان في قبولهما عتقُكما من الرِّقّ، ففيه عِتقُ رقبتي من النار. ولم يقبلْهما، وقال: قولا له يردُّهما على مَن أخذهما منه، فهو أَولى.


(١) في الحلية ٧/ ٣٤٨.
(٢) في تاريخه ٩/ ٣١٨. وهو في الحلية ٧/ ٣٥٠.
(٣) في الحلية ٧/ ٣٤٨.
(٤) البدرة: كيس فيه ألف درهم، أو عشرة آلاف درهم، أو سبعة آلاف دينار. القاموس المحيط (بدر).