للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال طلحةُ القَنَّاد (١): ورث داودُ من ابن عمٍّ له مئةَ ألفِ درهمٍ لم يكن له وارثٌ غيره، فلم يأخذْ منها درهمًا وتصدَّق بالجميع.

ذِكر نُبذةٍ من كلامه:

ذَكَرَ ذلك ابنُ أبي الدنيا وأبو نُعيم والخطيبُ وصاحبُ "مناقب الأَبرار" وغيرُهم.

فمن ذلك ما رواه أحمدُ بن أبي الحَوَاري عنه أنَّه قال: ما أَخرج اللهُ عبدًا من ذُلِّ المعصية إلى عزِّ الطاعةِ إلا أَغناه بلا مال، وأعزَّه بلا جاهٍ وبغير عشيرة، وآنسه من غير جماعة.

وقال بكرُ بن محمد: قال لي داود: فرَّ من الناس فرارَك من الأسد.

وروى الخطيبُ عن أبي الرَّبيع الأعرجِ أنَّه جاء إلى داودَ من واسط ليسمعَ منه شيئًا ويراه، فأقام على بابه ثلاثةَ أيامٍ لا يصل إليه، قال: كان إذا سمع الإقامةَ خرج، فإذا سلَّم وثب فدخل منزلَه. قال: فجاء فسلَّم يومًا وقد سبقتُه إلى بابه، فلما جاء ليدخلَ قلت: ضيفٌ رحمك اللهُ أتيتك من واسط، وأحبُّ أن تزوِّدَني شيئًا (٢)، فقال: صُم الدنيا واجعلْ فِطرَك الموت، قلت: زدني، قال: فِرَّ من الناس كفرارك من الأسد، غيرَ طاعنٍ عليهم (٣) ولا تاركٍ لجماعتهم. قال: فذهبتُ أَستزيده، فوثب إلى المحراب وقال: الله أكبر. وفي رواية: فقلت له: أَوصني، فقال: إن كان لك والدان فبِرَّهما.

وروى أبو نُعيم (٤) عن عبد اللهِ بن إدريسَ قال: قلتُ لداود: أَوصني، فقال: أَقلِل من معرفة الناس، قلت: زدني، قال: ارضَ باليسير من الدنيا مع سلامة الدِّين كما رضي أهلُ الدنيا بالدنيا مع فساد الدِّين، قال: فقلت: زدني، فقال: اجعل الدنيا كيومٍ صمتَه ثم أَفطِر على الموت.


(١) في تاريخ بغداد ٩/ ٣١٦: عمرو بن طلحة القناد.
(٢) اختصر المؤلف هنا القصة، ففي تاريخ بغداد ٩/ ٣١٥: قلت: ضيف رحمك الله، قال: إن كنت ضيفًا فادخل، قال: فدخلت فأقمت عنده ثلاثة أيام لا يكلمني، فلما كان بعد ثلاث قلت: رحمك الله أتيتك من واسط وإني أحببت أن تزودني شيئًا ....
(٣) في (خ): عنهم.
(٤) في الحلية ٧/ ٣٤٣.