للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تشفعَ فيه عائشةُ وزينبُ إلى أمِّ [أمير] (١) المُؤْمنين فتُطْلقه، ولما بلغ الهاديَ أن مباركًا التركيَّ لم يقاتلْ غضب عليه، وأَمر بقبض أموالِه وتصييره في سياسة الدوابّ. وكان مباركٌ لما وصل المدينةَ أرسل إلى حسين بنِ على يقول: واللهِ لأَن أسقطَ من السماءِ فتخطَفَني الطيرُ أو تهويَ بي الريحُ في مكانٍ سحيق أَيسرُ عليَّ من أن أشوكَك بشوكة، ولكن لا بدَّ من الإِعذار، وإني إذا التقيتُك انهزمتُ. فخرج إليه حسينٌ فاقتتلا، فانهزم مباركٌ عنه، فلحق موسى بنَ عيسى، وغضب الهادي على موسى بنِ عيسى لقتله أَبا الزفت، وأَمر بقبض أمواله، وأفلت إدريسُ إلى المغرب، وقد ذكرناه، وهرب يحيى بنُ عبد الله بنِ حسن، وكان العمريُّ مستخفيًا بالمدينة، فلما بلغه مقتلُ الحسينِ بن عليّ أَحرق دارَه ودارَ جماعةٍ من أهل بيته ومَن خرج معه، وقطع نخيلَهم وأخذ أموالهم. ولما قُتل الحسينُ بن عليٍّ بعثوا برأسه مع يقطين بنِ موسى، فوضعه بين يدي الهادي، فقال: كأنَّكم قد جئتم برأس طاغوتٍ من الطواغيت، إنَّ أوَّل ما أَفعل بكم أن أَحرمَكم جوائزَكم، فلم يُعطِهم شيئًا، ثم تمثَّل: [من الرجز]

قد أَنصفَ القارَةَ مَن راماها (٢)

الأبيات.

وقال الهيثم: اجتمع بمكَّة إلى بني العباسِ أربعةُ آلافِ أَلْف (٣)، وجاء الحسينُ بن عليٍّ فنزل بفَخَّ في نفرٍ يسير، وكانوا عُراة، وذلك في ليلة الجُمُعة، فشدُّوا على المحامل فقتلوا أهلَه وقتلوه.

وقال سعيدُ بن مسلم: قد كان الهادي يودُّ لو جيءَ بالحسين بنِ عليٍّ حيًّا ليمرَّ به على أهله ويتألَّفَهم بذلك.

وقُتل سليمانُ بن عبدِ الله بن حسنٍ صبرًا، وعبدُ الله بن الحسنِ بن عليٍّ أمَّنوه ثم قتلوه، وقتلوا إسحاقَ بن إبراهيمَ بن الحسنِ بن الحسن بن عليٍّ ، ولما


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٨/ ١٩٨.
(٢) تمامه -كما في تاريخ الطبري ٨/ ٢٠٣ - :
إنَّا إذا ما فئة نلقاها
نرد أولاها على أخراها
(٣) في مروج الذهب ٦/ ٢٦٦: أربعة آلاف فارس.