للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعباسُ بن محمَّد، وموسى بنُ عيسى، وكان على الموسم سليمانُ بن أبي جعفر، فكتب الهادي إلى محمَّد بن سليمانَ بتوليته على حرب الحسينِ بن عليّ، فقيل له: عمُّك العباس بُن محمَّد أَولى، فقال: دعوني لا أُخدع عما بي، فلقيهم الكتابُ وقد انصرفوا من الحجّ، وكان محمدُ بن سليمانَ قد خرج في عِدَّة من الرجال وعُدَّة من السلاح؛ لأن الطريقَ كان مَخوقًا من الأَعراب، ولم يحتشدْ لهم حسين، فأتاه خبرُهم وهم (١) بصَوبه، وكان قد خرج بخَدَمه وإِخوته، وانتهى عيسى بنُ موسى (٢) إلى بطن نخلٍ على ليلتين (٣) من المدينة، وانتهى إليه الخبرُ ومعه أهلُه وخواصُّه وخدمه، وبلغ الخبرُ إلى العباس بن محمدٍ وهو بالرَّبَذة ومعه أهلُه وخدمه، فكاتبوا محمدَ بن سليمانَ وواعدوه مكَّة، فاجتمعوا بذي طُوى ومعهم سليمانُ بن المنصور، وانضمَّ إليهم مَن وافى الموسمَ من شِيعة بني العباسِ ومواليهم، وجاء الحسينُ بن عليّ وأصحابه واصطفُّوا للقتال، فنادى محمدُ بن سليمان: مَن جاء برأسٍ فله خمسُ مئةِ درهم، وحملوا على حسينٍ ومعه نساؤه وأهلُه في المحافل، فعرقبوا الإِبل، فوقعت المحامل، وهزموا أصحابَه وقتلوهم وفرغوا منهم، ورجعوا إلى مكَّة ولم يشعروا ما فعل يحيى بنُ عليّ، فبينما هم كذلك إذا برجلٍ من أهل خراسان يصيح: لي البِشارة، هذا رأسُ حسينِ بن عليّ، وإذا في جبهته ضربةٌ وفي رأسه أخرى، وجاء الحسنُ بن محمَّدٍ المكنى بأبي الزفت وقد أُصيبت إحدى عينيه، فوقف خلف محمدِ بن سليمانَ والعباسِ بن محمد، واستدار به موسى بنُ عيسى وعبدُ الله بن العباس بنِ محمدٍ وأَمرا به فقتل، فغضب محمدُ بن سليمانَ وقال: تقتلان مَن استجار بي! ودخل مكَّة مغضبًا، وجُمعت الرؤوس فكانت مئةَ رأس، منها رأسُ الحسينِ بن عليّ، ورأسُ أبي الزفت، ورأس سليمانَ بن عبدِ الله بنِ حسن، وذلك يومَ التَّروية، وكانت فاطمةُ بنت عليٍّ مع أخيها، فأخذت فتُركت عند زينبَ بنتِ سليمان، ولَمَّا قدم موسى بنُ عيسى على الهادي قال أول: هِيه، تقتل أَسيري! يعني أبا الزفت، ولم يُقتل صبرًا غيرُه (٤)، فقال: خفت أن


(١) في (خ): وهو. والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ١٩٦.
(٢) في تاريخ الطبري: موسى بن عليّ بن موسى.
(٣) في تاريخ الطبري: على الثلاثين.
(٤) في تاريخ الطبري: ولم يقتل أحد منهم صبرًا. وقد ذكر المصنف قبل قليل كيفية قتله.