فقال له: قم قائمًا، فقال: وكيف أقدر، فقال: قم قائمًا، فقام وركض برجله، فنبعت عين ماء، فقال: اغتسلْ فاغتسلَ، ثم نحاه من مكانه وقال: اركضْ فركضَ، فنبعت عينٌ أخرى فقال: اشربْ فشربَ، فذلك قوله تعالى: ﴿هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ﴾ [ص: ٤٢].
فإن قيل: فقد كان يكفيه ركضة واحدة، قلنا: الركضة الأولى لزوال الضرّ، والثانيةُ دليل الفرح والطرب بالعافية. وإنما خصَّ الرجل بالركض لأن العادة جاريةٌ أن ينبع الماء من تحت الرجل، وكان ذلك معجزةً له.
قلت: وقد احتجَّ محمد بن طاهر المقدسيّ على جواز الرقص بهذه الآية، ولا حجة له فيها لأن ذلك الركض لم يكن رقصًا وإنما كان من باب المعجزات لا من باب الرقص المعتاد.
وقال السُّدي: جاءه جبريل بحلَّةٍ من الجنّة فألبسه إياها، وكانت امرأته غائبة فجاءت فلم تعرفه، فقالت له: يا عبد الله أين المبتلى الَّذي كان هاهنا، لعلَّ الذئاب أكلته؟ فقال لها: أنا أيوب، فقالت: اتَّق الله ولا تسخر بي.
واختلفوا في تأويل قوله تعالى: ﴿وَآتَينَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ [الأنبياء: ٨٤] على قولين:
أحدهما: ذكره ابن عباس وابن مسعود قالا: كانت امرأته قد ولدت سبع بنين وسبع بنات، فردَّهم الله عليه، وأقامهم من قبورهم، وآتاه مثلهم في الدنيا.
والثاني: أن الله ما أحياهم وإنما آتاه أجورهم في الآخرة، قاله مجاهد وابن الكلبي.
والأول أصح، لأن الله ﷾ نصّ عليه، وفيه إظهار شرف أيوب.
وقال ابن عباس ﵄: ردَّ الله على امرأته شبابها فولدت له ستة وعشرين ذكرًا.
وقال كعب: لما أمطر الله عليه الجراد من الذهب جعل يأخذ الجراد بيده فيجعله في ثوبه فأوحى الله إليه: يا أيوب، أفما شبعت؟ فقال: يا إلهي ومن يشبع من فضلك.
وقد روي مرفوعًا، قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق بإسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "بَينَما أيُّوبُ يَغتَسِلُ عُريانًا خَرَّ عليه جرادٌ مِن ذَهَبٍ، فجَعَلَ أيُّوبُ يَحثُو