للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ثَوبِه، فناداه ربُّه تعالى: يا أَيُّوبُ، ألَمْ أَكُن أَغنيتُك عما تَرى؟ قال: بلى يا ربِّ، ولكِنْ لا غِنَى لي عن بَرَكتِكَ" انفرد بإخراجه البخاري (١).

وقال وهب: تطاير الجراد من الماء الَّذي اغتسل فيه، وكان له أنْدَران أحدهما للقمح والآخر للشعير، فبعث الله سحابتين فأفرغت إحداها على أندر القمح ذهبًا والأخرى [على أندر الشعير] فضة، وتطاير الجراد على الكلِّ وإنما خصَّ الجراد لكثرته (٢).

قوله تعالى: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا﴾ [ص: ٤٤] وهو الشِّمراخ، وقيل: الحزمة، من العيدان أو الحشيش ﴿فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ﴾ [ص: ٤٤] قال ابن عباس: كان قد حلف ليجلدنَّ زوجته مئةَ جلدة، وما كان ذلك يحسن في مقابلة صبرها وما لاقت في خدمته من الشدائد، فأفتاه الله تعالى بذلك.

واختلفوا في سبب يمينه على أقوال: أحدها: حديث السخلة التي جاء بها إليها إبليس، وقد ذكرناه. والثاني: أن إبليس جلس على طريق زوجته كأنه طبيب، فقالت له: يا عبد الله هاهنا رجلٌ مبتلى فهل لك أن تداويه؟ قال: نعم، على شرط أن يقولَ إنني شفيته، فأخبرته بذلك فقال: ذاك الشيطان، لله عليَّ إن شفَاني الله لأجلدنَّكِ مئة جلدة. قاله ابن عباس (٣).

والثالث: أن إبليس لقيها فقال: أنا الَّذي فعلت بأيوب ما فعلت، وأنا إله الأرض وجميع في أخذتُ منه بيدي، فانطلقي أريك، ومشى بها غير بعيد ثم سحر بصرها فأراها واديًا عميقًا فيه أهلها وولدها، فأتت أيوب فأخبرته فقال: لعنه الله، ثم حلف، قاله وهب (٤).

وقال ابن عباس: قال إبليس لجنوده: قد أعياني أيوب، فقالوا: عليك بزوجته، فإنه ما أخرج آدم من الجنّة غير امرأته، فجاء إليها فوسوس لها بأنواع الوساوس حتَّى حلف


(١) أحمد في "مسنده" (٨١٥٩)، والبخاري (٢٧٩).
(٢) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ١٠/ ٦٧ وما بين معقوفين زيادة منه، والأندر: البيدر.
(٣) انظر "تاريخ دمشق" ١٠/ ٦٧.
(٤) انظر "تاريخ دمشق" ١٠/ ٦٧.