للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الليث بن سعد، فقال: تشبهوني برجلٍ كتبنا إليه في قليل عصفر نصبغُ به ثيابنا، فبعثَ إلينا ما نصبغُ به ثيابنا وثياب صبياننا وثياب جيراننا (١)، وبعنا الفضلةَ بألف دينار.

وقال شعيبُ بن الليث: خرجتُ مع أبي حاجًّا، فقدمَ المدينة، فبعثَ إليه مالك بن أنس بطبق فيه رطب، فجعلَ في الطبقِ ألفَ دينار وردَّه إليه.

وكان الليث يستغلُّ كلَّ سنةٍ عشرينَ ألف دينار -وقيل: ثمانين ألف دينار- وكان يفرِّقُها في العلماء والقُصَّاد، وما وجبَ عليه زكاةٌ قط.

وأعطى ابنَ لهيعة ألف دينار، ومنصورَ بن عمار ألفَ دينار، وجاءت إليه امرأةٌ بسُكُرُّجة، فقالت: يا ابا الحارث، إنَّ لي ابنًا عليلًا ويشتهي عسلًا، فقال الليث: يا غلام، أعطِها مرطًا من عسل.

والمرطُ مئة وعشرون رطلًا.

وأقام الليث عشرين سنة لا يتغدَّى ولا يتعشَّى إلا مع الناس، يطعمهم الهرايسَ والحلوى.

وولي القضاءَ بمصر ثلاثينَ سنة، لم يستحلَّ أنْ يغرسَ ريحانةً يشمُّها.

وكان يُطعِمُ في كلِّ يوم ثلاثَ مئة مسكين، ويبعثُ إلى مالك بن أنس في كلِّ سنة بخمس مئة دينار (٢).

وقال منصور بن عمار: قدمتُ مصر، فتكلَّمت في جامعها، فإذا رجلانِ قد وَقَفا على الحلقة فقالا: أجب الليث بن سعد، فقمتُ ومضيتُ معهما، فدخلتُ عليه، ولم أكن رأيته، فقال: أنت المتكلِّم في المسجد؟ قلت: نعم، قال: ردَّ عليَّ الكلامَ الذي تكلَّمت به، قال: فأخذت في ذلك المجلسِ بعينه، فرقَّ وبَكى حتَّى رحمتُه، ثم قال: من أنت؟ ومن أين أتيت؟ قلت: من بغداد، وأنا منصور بن عمار. قال: أبو السري؟


(١) كذا، وفي تاريخ دمشق ٦٠/ ٩٥ (طبعة مجمع اللغة): نصبغ به ثياب صبياننا، فأنفذ إلينا ما صبغنا به ثياب صبياننا وصبيان جيراننا.
(٢) في تاريخ دمشق ٦٠/ ٩٥: كان الليث بن سعد يصل مالك بن أنس بمئة دينار في كل سنة، فكتب إليه أن عليَّ دينًا، فبعث إليه بخمس مئة دينار.