من يده في الدهليز وقال: يَا أَبا حفص، خُذْ فيما كنَّا فيه، ما تقول في العبد يتزوج بغير إذن مولاه؟ كأنَّه لم يصنع شيئًا، وقام النصرانيُّ إلى برذونه ليركبَه، فاستعصَى عليه، ولم يكن أحد يأخذ بركابه، فجعلَ يضربُه وشريك يقول له: ويحك ارفق به، فإنَّه أطوعُ لله منك، فقلت له: سيكون لهذا عاقبةٌ مكروهةٌ، فقال: أَعِزَّ أمرَ الله يعزُّكَ الله.
ودخل النصرانيُّ على موسى بن عيسى فقال: من فعل بك هذا؟ فقال: شريك، فقال: لا والله ما لي على شَريك اعتراض، ولا أتعرَّض له بشيء، ومضى النصراني من فوره ذلك إلى بغداد فلم يعد.
وقال الأصمعيّ: كان الرَّبيع يحملُ المهديَّ على شَريك، ويقول: هو فاطميّ، فدخلَ شريك يومًا على المهدي، فقال له: يَا أَبا عبد الله، أنتَ فاطميّ؟ فقال: يَا أمير المُؤْمنين، أعيذُك بالله أن تكونَ غيرَ فاطميّ، فقال: معاذ الله، والله إنَّني أحبُّ فاطمة بنت محمَّد ﷺ، قال: ما تقول فيمن يبغضها؟ قال: لعنه الله، قال: فهذا يبغضها، وأشار إلى الرَّبيع، فقال الرَّبيع: لا والله، فقال شريك: ماجن فلم تذكرُ سيدةَ نساءِ العالمين في مجالس الرجال، فقال المهدي: أَنْتَ والله يَا أَبا عبد الله خيرٌ من الذي حملنِي عليكَ (١).
وقال المهدي: يَا شريك خنتَ في مال الله، فقال: يَا أمير المُؤْمنين لو خنتُ فيه لأتاكَ سهمك.
ودخلَ شريك على المهديّ، فقال: لا ينبغي لمثلك أن يقلَّد الحكم بين المسلمين، قال: ولم؟ قال: لخلافِك الجماعةَ وقولِك بالإمامة، فقال: أما قولك: إنَّني أخالفُ الجماعةَ، فعنهُم أخذتُ ديني، فكيف أخالفُهم؟ وأما قولك: لا ينبغي أن أقلَّدَ الحكم بين المسلمين فهذا أمرٌ ما طلبتُه، أنتم فعلتموه، فإنْ كان خطأً فاستغفرِ الله منه، وإنْ كان صوابًا فأمسكوا عليه. قال: فما تقول في عليّ؟ قال: ما قال فيه جدُّك العباس وابنه عبد الله، قال: فما قالا فيه؟ قال: أما العباس فمات وعليٌّ عنده أفضلُ الصَّحَابَة، وقد كان يرى كبراءَ المهاجرين يسألونَه عن النوازل، وما احتاج إلى أحدٍ قط، وما زالوا
(١) انظر الخبر بأوضح مما هنا في العقد الفريد ٢/ ١٧٨ - ١٧٩.