للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسنُ (١) بن قريش: وكان للرَّشيد ولدٌ اسُمه القاسمُ في حِجْر عبدِ الملك بن صالح، فكتب عبدُ الملك إلى الرَّشيد: [من مجزوء الكامل]

يا أيُّها المَلِكُ الذي … لو كان نجمًا كان سَعْدا

اعقِد لقاسم بيعةً … واقدحْ له في المُلْكِ زَنْدا

اللهُ فردٌ واحدٌ … فاجعل ولاةَ العهدِ فَرْدا (٢)

فبايع هارونُ للقاسم بعد الأمينِ والمأمون، وأعطاه الجزيرةَ والثُّغورَ والعواصم، ولقَّبه المؤتَمن، فقال عبدُ الملك بنُ صالح: [من البسيط]

حبُّ الخليفةِ حبٌّ لا يَدين به … مَن كان لله عاصٍ يعمل الفِتَنا

اللهُ قلَّد هارونًا سياستَنا … لمَّا اصطفاه فأحيى الدِّينَ والسُّنَنا

وقلَّد الأمرَ هارون (٣) لرأفته … بنا أمينًا ومأمونًا ومؤتَمَنا

ولمَّا قلَّد هارونُ الأمرَ لبنيه الثلاثةِ وقسم الأرضَ بينهم، اختلف الناسُ في القول، فقال بعضُهم: قد أَحكم أمرَ المُلك. وقال بعضهم: بل أَلقى بأسَهم بينهم، وعاقبةُ ما صنع مَخُوفة. فكان كما قالوا وأَبلغَ، وفي ذلك يقول الشَّاعر: [من الوافر]

أقول لغُمَّةٍ في النَّفس مني … ودمعُ العينِ يَطَّرد اطِّرادا

خُذي للقول عُدَّتَه بحَزْمٍ … ستلقَي ما سيمنعُكِ الرُّقادا

فإنَّك إنْ بقيتِ رأيتِ أمرًا … يُطيل لك (٤) الكآبةَ والسُّهادا

رأى المَلِكُ المهذَّبُ شرَّ رأيٍ … بقِسمته الخلافةَ والبلادا

برأيٍ لو تعقَّبه بعلمٍ … لبيَّض مِن مَفارقِه السَّوادا

أَراد به ليَقطعَ عن بنيه … خلافَهمُ ويَبتذلوا الودادا (٥)

فقد غرس العداوةَ غيرَ آلٍ … وأَورث بينهمْ إِلفًا بَدادا (٦)


(١) في (خ): الحسين، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٢٧٦.
(٢) تاريخ الطبري، والمنتظم ٩/ ١١١، والبداية والنهاية ١٣/ ٦٣٤.
(٣) في (خ): هارونًا. والتصويب من تاريخ الطبري ٨/ ٢٧٦.
(٤) في (خ): له، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٢٧٧.
(٥) في (خ): الولادا؟!
(٦) كذا في (خ)، وفي تاريخ الطبري: وأورث شملَ ألفتهم.