للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما حَزَني أنِّي (١) أموت صَبابَةً … ولكن على مَن لا يحلُّ له قتلي

فَدَيتُ التي صدَّت وقالت لتِرْبها … دعيه الثُّريَّا منه أقربُ من وَصْلي

إلى أن قال:

هل العيشُ إلَّا أن تَروحَ مع الصِّبا … وتغدو صَريعَ الكأسِ والأعيُن النُّجْلِ

فاستحسنها هارونُ وأعطاه لكلِّ بيت ألفَ دينار، وقال: أنت صَريعُ الغَواني.

وقد عارض صاحبُ "العِقد" (٢) هذه الأبياتَ فقال:

أتقتُلُني ظُلمًا وتَجْحَدني قتلي … وقد قام من عينيك لي شاهدا عَدْلِ

أغارَ على قلبي فلمَّا أتيتُه … أُطالبُه فيه أَغارَ على عقلي

بنفسي التي ضنَّت بردِّ سَلامها … ولو سألتْ روحي أَبَحْتُ لها قَتْلي

إذا جئتها صَدَّت حَياءً بوَجْهها … وتَهْجُرني هَجْرًا ألذَّ من الوَصْل

وإن حَكَمَتْ جارت عليَّ بحُكْمها … ولكنَّ ذاك الجَورَ أحلى (٣) من العَدْل

كتمت الهوى جُهدي فأَظهره الأسى … بماء البُكا هذا يَخُطُّ وذا يُملي

وأحببتُ فيها العَذْلَ حبًّا لذِكرها … فلا شيءَ أشهى في فؤادي من العَذْلِ

أقول لقلبي كلَّما ضامَه الهوى … إذا ما أبيتَ العزَّ فاصبر على الذُّلِّ

وجدتُ الهوى نَصْلًا من الموت مُغْمَدًا … فجرَّدتُه ثم اتكأتُ على النَّصل

فإن كُنْتُ مقتولًا على غير ريبةٍ … فإنِّي الَّذي عَرَّضتُ نفسي إلى القتل (٤)

وقال أبو بكرٍ محمَّد بن الأنباري: ثلاثةُ أبياتٍ لصَريع الغَواني أَحسنَ فيها وزاد، وهي أمدحُ بيت، وأهجى بيت، وأرثَى بيت، فالمدح: [من البسيط]

يجود بالنفْس إذ ضَنَّ البخيلُ بها … والجودُ بالنفس أقصى غايةِ الجودِ

والهجاء: [من الكامل]

قَبُحَت مَناظرُه فحين خَبَرتُه … حَسُنت مَناظِرُه لقُبْحِ المَخْبَرِ


(١) في (خ): أن، ولا يستقيم بها الوزن.
(٢) ٥/ ٣٩٨.
(٣) في العقد الفريد: أشهى.
(٤) في العقد الفريد: فأنت التي عرضت نفسي للقتل.