للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرِّثاء: [من الطويل]

أرادوا (١) ليُخفوا قبرَه عن عدوِّه … فطِيبُ ترابِ القبر دلَّ على القبرِ

أوَّل ما بدأ الشَّيب بالمأمون كان يتمثَّل بقول صريعِ الغواني، وهو قولُه: [من البسيط]

نام العواذلُ واستَكفَيْنَ لائمتي … وقد كَفاهنَّ نهضُ البيض في السُّودِ

أمَّا الشبابُ فمَفْقودٌ له خَلَفٌ … والشيبُ يذهب موجودًا بمفقود (٢)

وقال الفضل بنُ الربيع: دخل على الرشيد أعرابيٌّ والأمين عن يمينه والمأمونُ عن يساره، فأنشده شعرًا حَسَنًا، فكأنَّه أنكره أن يكونَ نظمَه، فقال: هذان ولداي، فأَنشدَ فيهما بديهةً البيتين: [من الطويل]

بنيتَ بعبد اللهِ بعد محمَّد … ذُرى قُبَّة الإِسلامِ فاخضرَّ عودُها

هما ظُنُباها بارك اللهُ فيهما … وأنت أميرَ المؤمنين عمودُها

فقال له: احتكم، فقال: الهُنَيدة (٣)، قال: هي لك، وزاده مئةَ ألفِ درهم.

وقال أبو محمَّد اليزيدي (٤): دخلتُ على الرشيد، وإذا به ينظر في ورقةٍ فيها مكتوبٌ بالذهب، فلمَّا رآني تبسَّم، فقلت: أصلح اللهُ أميرَ المؤمنين، فائدة؟ قال: نعم، وجدت هذين البيتين في بعض خزائنِ بني أمية، فاستحسنتهما، وأضفتُ إليهما بيتًا ثالثًا، وأنشدني يقول: [من الطويل]

إذا سُدَّ بابٌ عنك من دون حاجةٍ … فدعْهُ (٥) لأخرى ينفتحْ لك بابُها

فإنَّ قُراب البَطْن يكفيك مَلؤه … ويكفيك سَوءاتِ الأمور اجتنابُها

فلا تكُ مِبذالًا لعِرضك واجتنبْ … ركوبَ المعاصي يجتنبْك عقابها (٦)


(١) في (خ): أراد، والمثبت من الديوان ص ٣٢٠، والبيتان الآخران في ص ٣٢١، ١٦٤.
(٢) في الديوان ص ٣١١: مفقودًا بمفقود.
(٣) الهنيدة: اسم للمئة من الإبل. القاموس المحيط (هند). والقصة في طبقات الشعراء لابن المعتز ص ١٤٩، وتاريخ الطبري ٨/ ٣٦٣، والعقد الفريد ١/ ٣١٠. وقد سماه ابن المعتز أبا الغول.
(٤) كذا في بهجة المجالس ٣/ ٣١٠، وفي مختصر تاريخ دمشق ٢٧/ ٢٥: الزيدي.
(٥) في (خ): فدع. وهو خطأ.
(٦) اضطربت المصادر في نسبة البيتين الأولين، انظر إضافة إلى المرجعين السابقين كتاب الحيوان ١/ ٣٨٢ - ٣٨٣، وعيون الأخبار ٢/ ١٨٣ - ١٨٤، وحماسة البحتري ص ٣٧٥.