للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومدحه داود بنُ رَزين فقال: [من الطويل]

بهارونَ لاح البدرُ في كلِّ بلدة … وقام به في عَدْل سيرته النَهْجُ

إمامٌ بذات اللهِ أصبح شُغْلُه … وأكثرُ ما يُعنَى به الغزوُ والحجُّ

وإنَّ أميرَ المؤمنين بفضله (١) … يُنيل الَّذي يرجوه أضعافَ ما يرجو

وغنِّي بين يدي أميرِ المؤمنين يومًا بهذا الشِّعر: [من الطويل]

ألا هل إلى شمِّ الخُزَامى (٢) ونظرةٍ … إلى قَرْقَرى (٣) قبل المماتِ سبيلُ

ويا أَثَلاتِ (٤) القاع من بَطْن تُوضِحٍ (٥) … حَنيني إلى أَطلالِكُنَّ طويل

ويا أَثلات القاعِ قد ملَّ صُحبتي … رفيقي (٦) فهل في ظِلِّكنَّ مَقيل

أريد رجوعًا نحوكم فيصدُّني … إذا رُمتُه دَينٌ عليَّ ثَقيلُ

أُحدِّث نفسي عندكمْ فيَصُدُّني … غَرامٌ وحُزْنٌ في الفؤاد دَخيل (٧)

فبكى هارونُ بكاء شديدًا، وقال: لمن هذا الشِّعر؟ فقيل: ليحيى بنِ طالب (٨) الحنفيِّ اليَماميِّ (٩)، فقال: وأين هو؟ أحيٌّ أم ميِّت؟ فقال بعض الحاضرين: هو حيٌّ كميِّت، هرب من اليمامة لدَينٍ عليه إلى الرَّي، فهو فيها بأسوأ حال، فكتب الرشيدُ إلى عامل اليمامةِ بقضاء دَينه كائنًا ما كان، وإلى عامل الرَّيِّ أن يدفعَ إليه عشرةَ آلاف درهمٍ، ويحملَه على البريد إلى اليمامة، فلمَّا عاد إلى اليمامة، قال هارون لجلسائه: قد


(١) في تاريخ الطبري ٨/ ٢٣٤، والمنتظم ٨/ ٣٢٥، والبداية والنهاية ١٣/ ٥٦٣: وإن أمين الله هارون بالندى.
(٢) الخزامى: نبت زهره أطيب الأزهار نفحة. القاموس المحيط (خزم).
(٣) أرض باليمامة. معجم البلدان.
(٤) جمع أثلة، وهو شجر.
(٥) من قرى قرقرى. معجم البلدان.
(٦) كذا في (خ)، وفي الأغاني ٢٤/ ١٣٥: وقوفي، وفي الأمالي ١/ ١٢٣، ومصارع العشاق ١/ ٢٩٤، ومعجم البلدان ٤/ ٣٢٧: مسيري، وفي الفرج بعد الشدة ٤/ ٢٦٩: صحابي، وفي الأزمنة والأمكنة ٢/ ٣٢٦: ثوائي.
(٧) روايته في المصادر:
أحدث عنك النفس أن لست راجعًا … إليك فحزني في الفؤاد دخيل
(٨) في (خ): أبي طالب، والمثبت من المصادر.
(٩) في (خ): اليماني، والمثبت من المصادر.