للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل ابن عياشٍ على موسى بنِ عيسى وهو عاملُ الكوفة وعنده عبدُ الله بن مصعب الزبيري، فأدناه موسى وقرَّبه، وأَتكأَه متَّكأ، [فاتَّكأ] وبسط رجلَيه، فقال الزبيريُّ لموسى: مَن هذا؟! [قال: هذا فقيه الفقهاءِ والمرأَس عند أهل المصر أبو بكر بنُ عياش، قال الزبيري: فلا كثيرٌ ولا طيِّب، ولا مستحقٌّ لكلِّ ما فعلتَه به، فقال أبو بكر: يا أيها الأمير، مَن هذا الَّذي سأل عني بجهل، ثم تتابع في جهله بسوء قولٍ وفعل؟ فنسبه له] (١) فقال له ابنُ عياش: اُسكت يا زبيري لا سكتَّ، فبأبيك غُدِرَ ببيعتنا، وبقول الزُّبير خرجت أمُّنا، وبابنه هُدمت كعبتُنا واستُحلَّ حَرَمُنا وقُتلت كُماتنا، وبك أَحرى أن يخرجَ الدجَّال فينا، فضحك موسى حتَّى فَحَص برجلَيه الأرض.

[وحكى الخطيبُ (٢) عن] ابن عياشٍ [قال:] (٣) أتيتُ زمزمَ ليلةً، فاستقيتُ منها دَلْوًا لَبنًا وعَسَلًا.

[وروى أبو نُعيم (٤) عنه أنَّه قال:] قال لي رجل: [خلِّص] رقبتَك (٥) ما استطعتَ في الدنيا من رِقِّ الآخرة؛ فإنَّ أسير الآخرةِ غيرُ مفكوك أبدًا. فواللهِ ما نسيتها.

ذكر وفاته:

[حكى الخطيبُ عن ابنه] إبراهيمَ بنِ أبي بكر بن عيَّاش [قال:] (٦) شهدتُ أبي عند الموت، فبكيت، فقال: يا بُنيّ، ما يُبكيك؟ فواللهِ ما أتى أبوك فاحشةً قطّ (٧)، [وفي رواية:] صمتُ ثمانين رمضانًا، وختمت القرآنَ ثمانين سنة، ولم أُفطر في نهارها.

و [قال ابنُ سعد:] (٨) توفِّي في جُمادى الأولى [سنةَ ثلاثٍ وتسعين] في الشَّهر الَّذي مات فيه هارون. وقيل: توفِّي سنة اثنتين وتسعين ومئة بالكوفة وقد جاوز تسعين سنة.


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٦/ ٥٤٦ - ٥٤٧.
(٢) في تاريخه ١٦/ ٥٥٢.
(٣) في (خ): وقال ابن عياش.
(٤) في حلية الأولياء ٨/ ٣٠٤.
(٥) في (خ): وقال: قال لي رجل رقبتك.
(٦) في (خ): وقال إبراهيم بن أبي بكر.
(٧) تاريخ بغداد ١٦/ ٥٥٥.
(٨) في طبقاته ٨/ ٥٠٨. وما بين حاصرتين من (ب).