للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال غنَّام بن حَفْص: مرض أبي خمسةَ عشرَ يومًا، فدفع إليَّ مئةَ درهم وقال: امضِ بها إلى العامل وقل له: هذه رزقُ خمسة عشر يومًا لم أحكمْ فيها بين المسلمين، فدفعتها إليه.

وقال يحيى بنُ الليث: باع رجلٌ من مَرْزُبان المجوسيِّ وكيلِ زُبيدةَ جِمالًا بثلاثين ألفِ درهم، فمَطَله ولم يُعطِه شيئًا، فجاء الرجلُ إلى بعض أصحابِ حفصٍ فأخبره الخبر، فقال: اِذهب إليه وقل له: أَعطِني ألفَ درهم وأُحيل عليك بالباقي، فأعطاه ألفَ درهم، وأتى الرجلَ فأخبره، فقال له: اذهب إليه وقل له: اِجعل طريقَك غدًا على القاضي حتَّى أوكِّلَ بقبض (١) المال. فمضى إلى المجوسيِّ وقال: أَفعل، وحضر مجلسَ حفص، فادَّعى عليه الرجلُ بتسعةٍ وعشرين ألفَ درهم، فاعترف، فقال له حفص: أدِّ المال، فقال: هو على السيِّدة، فقال: وأنت أحمق! تُقِرُّ ثم تقول: على السَّيدِّة! فأمر بحبسه، وبلغ أمَّ جعفر، فأرسلت إلى السِّندي فأَخرج المجوسي، وبلغ حفصًا فقال: أَحبس أنا ويُطلِق السِّندي! [لا جلستُ مجلسي هذا أو يردَّ مرزبانُ إلى الحبس] فأرسل إلى (٢) زبيدةَ يقول: اللهَ اللهَ فيَّ؛ فإنَّه حفص بن غياث، وأخاف أميرَ المؤمنين.

فردَّته إلى الحبس، ودخلت على هارونَ فقالت: قاضيك أحمق، فعل بوكيلي كذا وكذا، مُرْه لا ينظر في الحكم، وتولِّي أمرَه أبا يوسف، فكتب لها كتابًا بذلك، وبلغ حفصًا، فقال للرجل: أَحضِر لي شهودًا لأسجِّلَ على المجوسيِّ بالمال، ففعل، وجاء الخادمُ بالكتاب فقال: هذا كتابُ أمير المؤمنين، فقال له حفص: مكانَك، نحن في شيءٍ حتَّى نفرغَ منه، ولم يأخذ الكتابَ حتَّى سجَّل بالمال، ثم أخذ الكتابَ ووقف عليه وقال له: قل لأمير المؤمنين: قد أَنفذت الحكم، فقال الخادم: قد علمتُ واللهِ ما صنعتَ، أَبيتَ أن تأخذَ الكتاب حتَّى تفرغَ مما أردت، واللهِ لأُخبرنَّ أمير المؤمنين،


(١) في (خ): ببعض، والمثبت من تاريخ بغداد ٩/ ٧١.
(٢) في تاريخ بغداد: فجاء السندي إلى … ، وما بين حاصرتين منه، وهذا الخبر ليس في (ب).