للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: أخبره، فجاء الخادمُ فأخبر هارون، فضحك وقال: احملْ إلى حفصٍ ثلاثين ألفَ درهم، وبلغ أمَّ جعفر، فقالت: لا أنا ولا أنت حتَّى تعزلَ حفصًا، فقال: لا أَعزلُه، فألحَّت عليه، فعزله عن الشَّرقية وولَّاه قضاءَ الكوفة، فأقام ثلاثَ عشرةَ [سنة] قاضيًا عليها، وعلى بغدادَ سنتين.

[وكان حفصٌ يقوم الليل] (١) ومات وعليه سبعُ مئة درهمٍ دَين، وكان يقول: واللهِ [الذي لا إله إلَّا هو] ما وليت القضاءَ حتَّى حلَّت لي المَيتة.

ولمَّا ولي القضاءَ قال أبو يوسفَ لأصحابه: اكسروا دفترًا واكتبوا فيه نوادرَ (٢) حفص، فمرَّت قضاياه في أحكامه مثل القِدح (٣)، فقيل لأبي يوسفَ في ذلك، فقال: ما أصنع بقيام الليل، إنَّ حفصًا أراده اللهُ فوفقه. يعني أنَّ حفصًا كان يقوم الليل.

[ذِكر وفاته:

قد حكينا عن ابن سعدٍ أنَّه مات في سنة أربعٍ وتسعين ومئة (٤). وصلَّى عليه الفضلُ بن العباس وهو يومئذٍ على الكوفة.

وروى الخطيب (٥) عن عمرَ بنِ حفص بن غياثٍ قال:، لمَّا حضرت أبي الوفاةُ أُغمي عليه، فبكيت عند رأسه، فأفاق فقال: ما يُبكيك؟ قلت: أبكي على فراقك ولمَا دخلتَ فيه من هذا الأمر، يعني القضاء، فقال: لا تبكِ؛ فإنِّي ما حَلَلْتُ سَراويلي على حرامٍ قطّ، وما جلس بين يديَّ خصمان فباليتُ على مَن توجَّه الحقُّ بينهما.

[وقال خليفة (٦): مات حفصٌ سنةَ أربعٍ وتسعين ومئة. وقيل: سنةَ خمسن وتسعين ومئة] أسند حفصٌ عن عبيد الله بن عمرَ العُمريِّ وغيره، وروى عنه الإمامُ أحمد رحمةُ الله عليه وغيرُه، واتَّفقوا على صدقه وأمانتِه وورعه رحمةُ الله عليه.


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) في (خ): نوال، والمثبت من تاريخ بغداد ٩/ ٧٤.
(٣) القدح: السهم قبل أن يراش وينصل. القاموس المحيط (قدح).
(٤) في (خ): وقيل: إنه مات سنة خمس أو ست أو تسع وستين ومئة، والمثبت من (ب).
(٥) في تاريخه ٩/ ٧٠. وما بين حاصرتين من (ب).
(٦) في طبقاته ص ١٧٠. وما بين حاصرتين من (ب).