للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقبلوا على الدعاءِ والسرورِ بالفتح، وكان أوَّل من دخل عليَّ من القواد عليُّ بن عبد اللهِ الخُزاعي (١)، فقبَّل يدي وسلَّم عليَّ بالخلافة، وفعل الجميعُ كذلك، وأطفأ اللهُ النائرة، ووهب السلامةَ والعافية، وجاءتني الخلافة، وظَفِرت من أموال عليِّ بن عيسى ما أصلحت به الجندَ وغيرهم.

ذِكر وصولِ الخبر إلى بغداد:

ووصلت الفلولُ إلى بغدادَ في شوَّال، وندم محمَّد على ما كان من غدره بأخيه.

وقال محمَّد بنُ يحيى النَّيسابوري: لما جاء نعيُ ابنِ ماهان إلى بغداد، كان محمَّد جالسًا على جانب دجلةَ يصيد السمكَ هو وكوثرٌ خادمه، فأخبره بعضُ الخدم، فقال: دعني الساعة؛ فإنَّ كوثرًا قد صاد سمكتين وأنا ما صدت شيئًا بعد (٢).

وأرسل الفضلُ بن الربيع إلى نوفل خادمِ المأمون ووكيلِه على ولده وعيالِه وأهله فحبسه، وأخذ منه مئةَ ألفِ دينار، وقيل: ألفَ ألفِ درهم، وقبض ضياعَه وغلَّاتِه بالسَّواد وغيره، وولَّى عليها من قِبَله يُمْن الخادم، ودخل خُزَيمَة بن خازم على الأمين وهو واجم، فقال له: ألم أنهَك عن خلع أخيك والبغي عليه ونقضِ العهود، وأن تجرِّئَ القوَّاد عليك وعلى مَن بعدك، وتحملَهم على النَّكثَ في الأَيمان؟! فإنَّ الناكث مغلول، والغادرَ مجدول، وما نصحك مَن كذبك، ولا غشَّك مَن صدقك. ثم خرج وهو يقول: [من البسيط]

قد ضيَّع اللهُ ذَودًا أنت راعيها (٣)

ولما قُتل ابن ماهان قال القوَّاد: لا نشكُّ أنَّ محمَّدًا سيحتاج الرجال، فلْيأمر كلُّ واحد منكم جندَه بالشَّغب وطلبِ الأرزاق والجوائز، فأصبحوا كلُّهم بباب الجسر، وشغبوا وطلبوا الأرزاقَ والجوائز، فركب خزيمةُ بن خازمٍ (٤) في عسكره ونهاهم، فلم ينتهوا، واقتتلوا بالآجُرِّ والنُّشَّاب، وسمع محمَّد التكبيرَ والضجيج، فأخبر الخبر، فأمر


(١) في الفرج بعد الشدة ٢/ ٣٥٣: عبد الله بن مالك الخزاعي.
(٢) تاريخ الطبري ٨/ ٣٩٥.
(٣) تاريخ الطبري ٨/ ٣٩٥.
(٤) كذا، والذي في المصادر: عبد الله بن خازم، انظر الحاشية التالية.