للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل كاسمي، قال: فلمَن هذا الشِّعر؟ قالت: لعبدك وعمِّك إبراهيمَ بنِ المهدي، فرضي عنه وأمر له بخمسين ألف دينار، وردَّه إلى منزلته.

ونقم الناسُ على محمَّد تقريبه الخِصْيانَ، والمغالاةَ في أثمانهم، وسمَّى طائفةً منهم الجَرادية (١)، وطائفةً الغُرابية، حتى رُمي بهم، وقال الناسُ فيه الأشعار، فمن ذلك قولُ ابنِ مطير (٢): [من الوافر]

فأمَّا نوفلٌ فالشأنُ فيه … وفي بدرٍ فيا لَك من جَليسِ

وما للغانيات لديه حظٌّ … سوى التَّقطيبِ بالوَجْه العَبوس

إذا كان الرئيس كذا سَقيمًا … فكيف صلاحُنا بعد الرئيس

فلو علم المُقيمُ بدار طوسٍ … لعَزَّ على المُقيم بدار طُوس

ثم هجر النساءَ الحرائرَ والإماء، واستُهتر بالخدَّام، واحتجب عن خواصِّه وقوَّاده وإخوتِه وأهل بيته، واستخفَّ بهم، وقسم ما في بيوت الأموالِ والجواهر في خِصيانه وحُبْشانه، وأمر ببناء القصورِ على دجلةَ وغيرها، وأنفق عليها الأموال، وجمع عنده الوحوشَ والسِّباع والطيور، وغرق في لهوه، فضجَّ الناس منه.

وكان العباسُ بن عبد اللهِ بن جعفر بن أبي جعفرٍ المنصورِ من رجالات بني هاشمٍ عقلًا وفضلًا وجُودًا، وكان له خادمٌ يقال له: منصور، من آثر خدمِه عنده، وجد عليه يومًا، فهرب إلى محمَّد، فقَبِله وحَظي عنده، فركب يومًا في جماعةٍ من خدم محمَّد، وقصد أن يعبرَ على باب أستاذِه العباسِ ليُريَ خدم العباسِ ما هو فيه، وبلغ العباس، فخرج فجذبه فألقاه وأخذ بشَعره، فحامى عنه الخدم، فضربهم، فانهزموا إلى محمَّد فأخبروه، فقال: احرقوا دارَ العباسِ واسحبوه راجلًا إلى بابي، وأمر بقتله، وبلغ زُبَيدةَ، فدخلت على محمد، ونشرت شعرَها بين يديه، وبكت، فأمر بحبسه، ثم خَلَص بعد ذلك.

وعمل حَرَّاقات على صورة الأسد، وعلى صورة الفيل، وعلى صورة الفَرَس، وعلى صورة الحية، وأنفق عليها أموالًا عظيمة، وقال أبو نواس: [من الخفيف]


(١) في (خ): الجوادمة، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٥٠٨، وابن الأثير ٦/ ٢٩٣.
(٢) الأبيات في تاريخ الطبري وابن الأثير دون ذكر القائل.