للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فامتنع، فلاطفه السِّندي، فعاد إلى بغدادَ في شعبانَ وتهيَّأ للخروج إلى أبي السرايا، وبعث الحسنُ عليَّ بن أبي سعيدٍ إلى المدائن وواسط، وبلغ أبا السَّرايا أنَّهم على عزم ذلك وهو بقصر ابنِ هُبَيرة، فوجَّه بعض أصحابه إلى المدائن فدخلوها، وجاء بنفسه فنزل نهرَ صَرْصَرَ مما يلي طريقَ الكوفة في شهر رمضان.

وكان الحسن لما تأخرَّ قدومُ هَرْثَمَةَ عليه أمر منصور بنَ المهديّ أن يخرجَ فيعسكرَ بالياسرية (١) إلى حين قدومِ هَرْثَمَة، فخرج فعسكر بها، فلمَّا قدم هَرْثَمَة خرج فعسكر بين يدي منصور، ثم مضى حتى عسكر بنهر صَرْصَرَ بإزاء أبي السرايا والنهرُ بينهما، وكان عليُّ بن أبي سعيدٍ قد عسكر بكَلْواذى، فشخص على يوم الثلاثاء بعد الفطرِ بيوم، ووجَّه مقدِّمتَه نحو المدائن، فقاتلوا أصحابَ أبي السرايا غداةَ الخميس إلى الليل قتالًا شديدًا، فانكشف أصحابُ أبي السرايا، وأخذ عليٌّ المدائن، وبلغ أبا السرايا أَخْذُ على المدائن، فرجع يومَ السبت لخمسٍ خلون من شوَّالٍ إلى قصر ابنِ هبيرة فنزل به، ورحل هَرْثَمَةُ من صرصرَ طالبًا له، فلقي في طريقه جماعة كبيرة من أصحاب أبي السرايا، فقتلهم وبعث برؤوسهم إلى الحسن بنِ سهل، فلمَّا صار هَرْثَمَةُ إلى قصر ابنِ هبيرة، كانت بينه وبين أبي السرايا [وقعةٌ قُتل فيها من أصحاب أبي السرايا] (٢) خلقٌ كثير.

وانحاز أبو السرايا إلى الكوفة، ووثب محمَّد بن محمد ومَن معه من الطالبيين على دورِ مَن بالكوفة من بني العباس، ودورِ مَواليهم وأَتباعهم، فأنهبوها وهدموها وحرقوها، وأخرجوهم من الكوفة، وعملوا أعمالًا قبيحة، واستخرجوا الودائعَ التي كانت لهم عند الناسِ فأخذوها، وكان هَرْثَمَةُ يذكر أنَّه يريد الحجَ في هذه السنة، فحبس حاجَّ خُراسانَ والجبالِ والعراق والجزيرة وبغداد، فلم يدعْ أحدًا يخرج؛ رجاءَ أن يأخذَ الكوفة فيكونَ هو صاحبَ الموسم (٣).

وبعث أبو السرايا إلى مكةَ حسينَ بن حسن بن علي [بن علي] (٤) بن حسين (٥) بن


(١) في (خ): بالناس به، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٥٣١.
(٢) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٨/ ٥٣١، وابن الأثير ٦/ ٣٠٦، وانظر المنتظم ١٠/ ٧٥.
(٣) من قوله: فلما رأى الحسن أن أبا السرايا ومن معه … إلى هنا ليس في (ب).
(٤) ما بين حاصرتين من الكامل ٦/ ٣٠٦، وتاريخ الإِسلام ٤/ ١٠٥٧، ومطبوع البداية والنهاية ١٤/ ١١١.
(٥) في (خ) و (ب): حسن، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٥٣٢، والمنتظم ١٠/ ٧٦، والكامل، وتاريخ الإِسلام، والبداية والنهاية.