للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا نُواسيُّ توقَّرْ … وتَعَزَّ وتَصَبَّرْ

إنْ يكن ساءك دَهْرٌ … فلَمَا سَرَّك أكثر

يا كبيرَ الذَّنْبِ عَفوُ … اللهِ عن ذنبك أكبر

ليس لإنسان إلَّا … ما قضى اللهُ وقدَّر (١)

[وحكى ابنُ عساكرٍ عن عليِّ] بن الأعرابي قال (٢): أشعرُ الناسِ أبو نُواس حيث يقول: [من الطويل]

تَغَطَّيتُ من دَهْري بظِلِّ جَناحِه … فعَيني ترى دَهْري وليس يراني

فلو تسألِ الأيامَ ما اسمي لَمَا دَرَتْ … وأين مكاني ما عَرَفْنَ مكاني (٣)

وقال أبو العتاهِية: أشعرُ الناس أبو نواسٍ حيث يقول في المديح: [من الطويل]

إذا نحن أثْنَينا عليك بصالحٍ … فأنت كما نُثني (٤) وفوق الذي نُثني

وإنْ جَرَت الألفاظُ يومًا بمِدْحَةٍ … لغيرك إنسانًا فأنت الذي نعني

وقال ابنُ عائشة: كنا عند عبدِ الواحد بن زيادٍ (٥) ومعنا أبو نواس، فقال: [من مجزوء الرمل]

ولقد كنَّا رَوَينا … عن سعيدٍ عن قَتادهْ

ورَوَيناه قَديمًا … أنَّ سعدَ بنَ عُباده

قال من مات مُحِبًّا … فله أجْرُ الشَّهاده

فقال عبدُ الواحد: اُغربْ يا خبيث، واللهِ لا حدَّثتك بعد اليومِ بحديثٍ واحد.

قال المصنِّف : لا وجهَ لإنكار عبدِ الواحد؛ لأنَّ النبيَّ أشار إلى هذا المعنى، فروى ابنُ عباس عن النبيِّ أنه قال: "مَن عَشِق فعَفَّ فمات فهو شهيد" (٦).


(١) تاريخ بغداد ٨/ ٤٨٨.
(٢) في (خ): وقال ابن الأعرابي. والكلام في تاريخ دمشق ٤/ ٦١٠.
(٣) الديوان ص ٦٥٠ - ٦٥١.
(٤) في (خ): فأنت الذي تثني، والمثبت من تاريخ دمشق ٤/ ٦١٠، والديوان ص ٦٤٧.
(٥) في (خ): زيد، والمثبت من تاريخ بغداد ٨/ ٤٧٨، وتاريخ دمشق ٤/ ٦٢٢، والبداية والنهاية ١٤/ ٧٠.
(٦) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ٣/ ١٦٥ - ١٦٦ وغيره، وانظر الكلام عليه في التلخيص الحبير ٢/ ١٤٢، =