للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبرز [هـ] (١) المأتمُ لي كارهًا … برَغْم داياتٍ وحُجَّاب

يَبكي فيَذْري الدُّرَّ من عينه … وَيلْطُم الوَرْدَ بعُنَّاب

لا زال مَوتًا دأبُ أحبابِه … ولا تزل رؤيتُه دابي

وقال يزيد: لقيت أبا العتاهيةِ فقلت: مَن أشعرُ الناس؟ فقال: الشابُّ العاهر أبو نُواس حيث يقول: [من الوافر]

أزور محمَّدًا فإذا التقينا … تعاتَبت الضَّمائرُ في الصُّدورِ

فأرجعُ لم ألُمْه ولم يَلُمْني … وقد قَبِل الضَّميرُ عن الضَّمير

فلقيتُ أبا نواسٍ فقلت: مَن أشعرُ الناس؟ فقال: الشيخُ الطاهر أبو العتاهيةِ حيث يقول: [من مجزوء الكامل]

الناسُ في غَفَلاتهمْ … ورحى المَنيَّة تَطْحَنُ

فقلت: من أين أخذه؟ قال: من قوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١)(٢) [الأنبياء: ١].

وقال أبو العتاهية: لقيت أبا نُواسٍ في المسجد، فعَذَلْتُه وقلت له: أَمَا آنَ لك أن ترعوي! فقال: [من مجزوء الرمل]

أتُراني يا عَتاهي … تاركًا تلك المَلاهي

أتُراني مُفْسِدًا بالنُّسْكِ … عند القومِ جاهي

فلمَّا ألْحَحْتُ عليه بالعَذْل قال:

لن ترجعَ الأنفُسُ عن غَيِّها … ما لم يكن منها لها زاجرُ

قال أبو العتاهية: فوددتُ أنِّي قلت هذا البيتَ بكلِّ ما قلتُه (٣).

وقال أبو العَتاهِيَة: قد قلتُ عشرين ألفَ بيتٍ في الُّزهد، ووَدِدْتُ لو أنَّ لي مكانَها أبياتَ أبي نُواس: [من مجزوء الرمل]


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٨/ ٤٧٧.
(٢) تاريخ دمشق ٤/ ٦١١.
(٣) انظر تاريخ بغداد ٨/ ٤٨٧، وتاريخ دمشق ٤/ ٦٢٣، والمنتظم ١٠/ ١٩، ووفيات الأعيان ٢/ ١٠٢.