للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[روى الخطيبُ (١) عن الربيع بنِ سليمانَ، عن] الإمام الشافعيِّ رحمةُ الله عليه [قال:] دخلتُ على أبي نُواسٍ وهو يجود بنفسه، فقلت له: ما أعددتَ لهذا اليوم؟ فقال يُنشد (٢):

ولمَّا قَسا قلبي وضاقَتْ مَذاهبي … جَعلْتُ رَجائي نحو عَفْوكِ سُلَّما

تَعاظَمَني ذَنْبي فلمَّا قَرَنْتُه … بعَفْوك ربِّي كان عَفْوُك أعْظَمَا

وما زلتُ ذا ذنبٍ عظيمٍ ولم تزل … تجود وتعفو مِنَّةً وتَكَرُّما

فلولاك لم يقوى لإبليسَ عابدٌ (٣) … فكيف وقد أغوى صَفِيَّك آدما

[وسنذكر الأبياتَ في ترجمة الشافعي].

واختلفوا في وفاته، فقيل: مات سنةَ ثمانٍ وتسعين، وقيل: سنةَ خمسٍ وتسعين، وقيل: سنة ستٍّ وتسعين ومئة. والأوَّل أصحّ، أنه مات سنةَ مئتين هو ومَعْروفٌ الكَرْخيُّ في يومٍ واحد (٤).

قال أحمد بن هارون: مات أبو نُواس في اليوم الذي مات فيه معروف، فأخرجت جَنازة معروف، فغُلِّقت الأسواق ببغداد، ولم يبق بِكرٌ ولا عانس، فحُزر الجميعُ ثلاثَ مئةِ ألف، وأُخرجت جنازةُ أبي نُواس، فلم يتبعْها سوى رجلٍ واحد، فلما رجع الناسُ من جنازة معروف، قال قائل: أليس قد جَمَعَنا وإياه الإسلام؟ فرجع الناس فصلَّوا عليه، فرُئي تلك الليلةَ في المنام وهو يقول: غُفر لي بصلاة الذين صلَّوا على معروف وعليّ.


(١) في تاريخه ٨/ ٤٨٩. وفي (خ): وقال الإمام الشافعي رحمة الله عليه …
(٢) في (ب): فأنشأ وجعل يقول.
(٣) في (ب): فلولاك لم أهوي لإبليس عامدًا، وفي تاريخ بغداد: فلولاك لم يقو بإبليس عابد.
(٤) في (ب): واختلفوا في وفاته، فذكر الخطيب قولين أحدهما أنه سنة ثمان وتسعين ومئة، والثاني سنة تسع وتسعين ومئة، وحكاهما جدي في المنتظم، وزاد قولًا هو سنة ست وتسعين ومئة، والأصح أنه مات في هذه السنة وهي سنة مئتين هو ومعروف الكرخي في يوم واحد. اهـ.
قلت: وهذا النقل عن الخطيب وابن الجوزي لا يسلم، فالذي في تاريخ بغداد ٨/ ٤٩٠ عن ابن أبي سعد أنه توفي سنة ١٩٨، وعن آخرين أنه توفي سنة ١٩٦، أو ١٩٥، والذي في المنتظم ١٠/ ٢٠: توفي سنة خمس وتسعين ومئة -وأورده في وفياتها- وقيل سنة ست، وقيل سنة ثمان. ولذلك أثبت سياق (خ).