للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقد أخرجه جدِّي في "فضائل معروف" فقال: حدَّثنا أبو الحسن محمَّد بن أحمدَ الصَّائغ وغيُره، عن أبي عبد اللهِ أحمدَ بن هارون … وذكره، وفيه: رجع الناسُ من جنازة معروفٍ، فرأوا جنازةَ أبي نواس، فما التفتوا إليها، فقال قائل: أليس قد جمعنا وإيَّاه الإسلام؟! ولعل باطنَه كان أجملَ من ظاهره، فلا تُؤيسوه من رحمة اللهِ تعالى، فرجع الناس كلُّهم فصلَّوا عليه. ولم يذكر في هذه الرواية حديثَ المنام، وقد علَّق بعضُهم فقال: الذي مات يوم مات معروفٌ الكَرْخي رجلٌ يقال له الحسن بن هانئ، وكنيتُه أبو نواس. وليس كما ذكر؛ لأنَّ ما في الشعراء مَن اسمُه الحسن بنُ هانئ وكنيتُه أبو نواس غيره.

وذى ابنُ الهَبَّارية في "فلك المعاني" عن الطائيِّ قال:] (١) دخلتُ على أبي نُواس وهو مريض، فقلت: كيف تَجِدُك؟ فقال: [من الخفيف]

كلُّ يومٍ يَمُرُّ يأخذُ بعضي … يُورث القلبَ حَسْرةً ثم يَمضي

نفسِ كُفِّي عن المعاصي وتوبي … ما الخطايا على العباد بفَرْض (٢)

[وذكر ابنُ الهَبَّارية أيضًا عن الطائي قال:] (٣) جاءتني رُقْعةٌ من أبي نواسٍ مع رسوله يوم مماتِه، وقال: أَدرِكْه وإلَّا فاقرأ هذه على إخوانه. [قال:] فخرجتُ وإذا بجنازته، فقرأت الوُّقعة، فإذا فيها: [من الخفيف]

شِعْرُ مَيْتٍ أتاك من لَفْظ حيٍّ … صار بين الحياةِ والموتِ وَقْفا

أَنحَلَتْه يَدُ الحَوادث حتى … كاد عن أَعيُن الحوادث يَخْفى

لو تأمَّلْتَني لتَنْظُرَ حالي … لم تَجدْ من سُطور وَجْهيَ حَرْفا

ولَرَددْتَ طَرفَ عَينك فيمن … دَرَسَتْه الأسقامُ حتى تعفَّا (٤)


(١) في (خ): وقال الطائي، وما بين حاصرتين من (ب).
(٢) البيتان ليسا في الديوان، وهما -باختلاف في الرواية- في الأمالي ٣/ ٢٢٢، والبيت الأول في الرسالة القشيرية ١/ ٢٥، دون نسبة عندهما.
(٣) في (خ): وقال الطائي أيضًا.
(٤) الديوان ص ٤٣٣ باختلاف في الألفاظ.