للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وروى أبو عبد الرحمن السُّلمي عن] أحمدَ بن العباس قال (١): خرجت من بغدادَ أريد الحجّ، فاستقبلني رجلٌ عليه أثرُ العبادة، فقال: من أين؟ قلت: من بغداد، خرجت منها لِمَا رأيت فيها من الفساد، خفت أن يُخسفَ باهلها، فقال: ارجع ولا تخف، فإنَّ فيها قبورَ أربعةٍ من الأولياء، هم حصنٌ لهم من جميع البلاء، قلت: مَن هم؟ قال: أحمدُ بن حنبل، ومعروفٌ الكرخي، وبِشر بنُ الحارث، ومنصور بن عمار، فرجعت وزُرت تلك القبورَ، ولم أحجَّ في تلك السَّنة.

و [ذكر ابنُ خميس في "المناقب" والقشيريُّ] عن محمد بن الحسين (٢)، عن أبيه قال: رأيت معروفًا في المنام، فقلت: ما فعل اللهُ بك؟ فقال: غفر لي، فقلت: بزهدك وورعِك؟ قال: لا، قلت: بماذا؟ قال: بقبول موعظةِ ابن السمَّاك ولزومي الفقرَ ومحبَّتي للفقراء، كنت يومً مارًّا بالكوفة، فوقفت على ابن السمَّاك وهو يعظ الناس، فقال في خلال كلامه: مَن أقبل بقلبه على الله أقبل الله إليه برحمته، وأقبل بجميع وجوهِ الخلق إليه، ومَن أعرض عن الله بكلِّيته أعرض اللهُ عنه جملة، ومن كان مرة ومرة، فالله يرحمه. فوقع كلامه في قلبي، وأقبلت على الله وتركت جميع ما كنت عليه.

أسند معروفٌ الحديثَ عن بكر بن خُنَيس (٣) وابنِ السمَّاك وعبدِ الله بن موسى وغيرهم، وصحب داودَ الطائيَّ (٤) وعليَّ بن موسى الرِّضا، واشتغل بالعبادة عن الرواية. وقبرُه ببغدادَ ظاهرٌ يزار، وإلى جانبه قبرُ أخيه الحسن، وإلى جانبه الآخَرِ قبرُ ابنِ أخيه محمدِ بن الحسن.

* * *


(١) في (خ): وقال أحمد بن العباس.
(٢) في (ب) و (خ) ومناقب الأبرار ١/ ١٢٢: الحسن، والمثبت من الرسالة القشيرية ١/ ٨٢، ووفيات الأعيان ٥/ ٢٣٢، ومرآة الجنان ١/ ٤٦٣.
(٣) بعدها في (خ): العمي، وهي غير موجودة في المصادر. وفي (ب): أسند معروف الحديث عن جماعة.
(٤) قال الذهبي في السير ٩/ ٣٣٩، وتاريخ الإسلام ٤/ ١٢١١: وذكر السلمي أنه صحب داود الطائي، ولم يصح.