للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ما هنالك، فبعث إليه إبراهيمُ بن المهديِّ أبا إسحاقَ بنَ الرشيد جماعةٍ من الموالي، فهزموه إلى حَوْلايا.

وفيها وثب أخو أبي السَّريا بالكوفة، فبيَّض (١)، واجتمع إليد جماعة، فلقيه غَسَّانُ بن الفَرَج، فقتله وبعث برأسه إلى إبراهيمَ بن المهديِّ في رجب.

وفيها أخذ سَهْلُ بن سلامةَ المطَّوِّعي. فاجتمع إليه جماعةٌ، وقاتلوا معه أصحابَ إبراهيم، ثم تخلَّى عنه العَوامّ، فأخذه أصحابُ إسحاقَ بن الهادي، فقال له إسحاق: حرَّضت علينا الناسَ وعِبتَ أمرنا، فقم فقل: إنَّ الذي كنت أدعو إليه باطل، فقام فقال: أيها الناس، إنَّما كنت أدعو إلى الكتاب والسُّنَّة وأنا على الحقّ، فضربوه وقيَّدوه وحبسوه، وخَفِي أمره.

وفيها شَخَص المأمونُ من مَرْوَ يريد العراق، وكانت الحربُ قائمةً بين الحسن بن سهلٍ وإبراهيمَ بنِ المهدي.

قال علماءُ السِّيرَ: اجتمع عليُّ بن موسى الرِّضا بالمأمون، وأخبره بما فيه الناسُ من الفتن والقتالِ منذ قُتل الأمين، وبما كان الفضلُ بن سهلٍ يستره عنه من أخبار الناس، وأنَّ أهل بيتِه والناسَ يقولون: إِنَّه مَسْحور مَسْجون، وأنهم بايعوا إبراهيمَ بن المهديِّ بالخلافة. فقال المأمون: لم يبايعوه بالخلافة، وإنما صيَّروه أميرًا يقوم بأمرهم. فقال: كذَبك الفضلُ وغشَّك، والحربُ قائم بين الحسنِ وإبراهيم، والناسُ يناقمون عليك مكانَه ومكانَ أخيه ومكاني، وبيعتَك لي من بعدك. فقال له: ومَن يعلم هذا من عسكري؟ قال: وجوه أصحابك: يحيى بنُ معاذ، وعبد العزيز بن عمران، وعليُّ بن أبي سعيد -وهو ابن أختِ الفضل- وعدَّد جماعة. فقال المأمون: أَدخِلهم عليَّ لأسألَهم عمَّا ذكرت، فأدخلهم عليه، فسألهم، فأبَوا أن يخبروه حتى يجعل لهم الأمانَ من الفضل بن سهلٍ لا يتعرّض لهم، فأعطاهم، وكتب لكلِّ واحدٍ منهم أمانًا بخطِّه، فأخبروه بما فيه الناسُ من الفتن، وبيَّنوا له ذلك، وأخبروه بغضب أهلِ بيته وقوَّاده ومواليه، وبما موَّه عليه الفضلُ من أمر هَرثمة، وإنَّما جاء هَرْثَمَةُ لينصحَه ويبيِّن له ما


(١) أي: لبس البياض، انظر تاريخ الإسلام ٥/ ٨، والطبري ٨/ ٥٥٨، والمنتظم ١٠/ ١٠٧.