للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعملُ الفضلُ عليه، وأنه [إن] (١) لم يتدارك أمرَه، خرجت الخلافةُ من أهل بيتِه ومنه، وأنَّ الفضل دسَّ إلى هَرْثَمَةَ مَن قتله، وأنَّ طاهر بنَ الحسين قد أَبلى في طاعته، وافتتح له ما افتتح، وقاد إليه الخلافةَ وهو بمَرْو، وأنَّ الفضل صيَّره في زاويةٍ من الأرض بالرَّقة، وقلَّ عليه المال، وضَعُف أمرُه، وشَغَب عليه جندُه، ولو كان مقيمًا ببغدادَ لَما اجترأ أحدٌ على الخلافة، وأنَّ الدنيا قد تفتَّقت من أقطارها، فلو خرجتَ إلى بغدادَ لم يختلف عليك اثنان.

فلما تحقَّق ذلك، أمر بالرحيل إلى بغداد، وعلم الفضلُ بما جرى، فتعنَّتهم حتى ضرب بعضَهم بالسِّياط، وحبس بعضًا وعاقب بعضًا، فأَخبر عليُّ بن موسى الرِّضا المأمونَ وقال: إنما هم في أمانك، وخطُّك معهم، فاعتذر بأنَّه يداري ما هو فيه، ثم ارتحل من مَرْو، فلمَّا أتى سَرَخْس، دخل الفضلُ بن سهل الحمَّام، فدخل عليه قومٌ فضربوه بالسُّيوف حتى قتلوه، فقتلهم المأمون، لِمَا نذكر في ترجمة الفضل.

وفيها قدم المُطَّلبُ بن عبدِ الله من المدائن إلى بغداد، فجعل المطلبُ يدعو في السرِّ إلى المأمون، وأنَّ منصور بنَ المهديِّ خليفةُ المأمون، فأجابه منصور وخُزَيمة بن خازم وأعيان القوَّاد، وعلم إبراهيم، فسار من المدائن، فنزل بغدادَ من الجانب الغربيِّ في منتصف صفر، وكان المطلبُ ومَن سمَّينا بالجانب الشرقي، فأرسل إليهم إبراهيمُ يطلبهم، فتعلَّلوا عليه، فبعث إليهم عيسى بنَ [محمد بنِ] (٢) أبي خالدٍ وإخوتَه، فأما منصورٌ وخُزَيمةُ فأعطوا بأيديهم، وأما المطَّلب فقاتلهم بمواليه وأصحابه، وأمر إبراهيم: مَن أراد النَهْبَ فعليه بدار المطلب، فجاءت الغَوْغاء فانتهبوها ودورَ أهله، وخرج المطلبُ على حامية، فلم يظفرْ به إبراهيم، وبلغ عليَّ بن هشام وحُميدًا القائد -وكانا من أصحاب الحسنِ بن سهل- وهما بقصر ابن هُبَيرةَ قد قطعا المادَّةَ عن إبراهيم، فساقا فأخذا المَدائنَ وقطعا الجسر، وندم إبراهيمُ على ما صنع وضعف أمرُه.

وحجَّ بالناس إبراهيمُ بن موسى بنِ جعفر بنِ محمد بن عليِّ، أخو [عليِّ بن


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٨/ ٥٦٤، وابن الأثير ٦/ ٣٤٧.
(٢) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٨/ ٥٦٦، وابن الأثير ٦/ ٣٤٢.