للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى تمنَّى البِراءُ (١) أنَّهمُ … عندك أمسَوا في القيد (٢) والغَلَقِ (٣)

فقال له المأمون: مِثلُك يَعيب مَن لا يصطنعه، ويعتب (٤) مَن يجهل قدرَه، فاعذِرني في سالفك؛ فإنَّك ستجدني في مستأنَفك.

ذِكر اجتماعه بزُبيدة:

[اختلفوا في كيفية اجتماعِها به، فروى أبو الفضل بنُ ناصرٍ عن] المعافى بنِ زكريا قال (٥): لمَّا دخل المأمونُ بغداد، دخلت عليه أمُّ جعفرٍ فقالت: أهنئك الخلافة، قد هنَّأتُ بها نفسي [عنك] قبل لقائك، ولَئن كنتُ فقدت ابنًا خليفةً ولدته، فقد عوَّضني اللهُ خليفةً لم ألده، وما خسر مَن اعتاض مثلَك، ولا ثكلت أمٌّ ملأت راحتيها منك، وأنا أسأل اللهَ أجرًا على ما أخذ، وإمتاعًا بما عوَّض. فقال المأمون: ما تلد النساءُ مثلَ هذه، ما أبقت بعد هذا الكلامِ لبلغاء الرِّجال؟ [وفي رواية]: فحشا فاها بالدُّرّ.

قال الصُّولي: لمَّا قدم من خُراسان [إلى بغداد] (٦) لم تدخلْ عليه [زبيدة] وكتبت إليه بشعرٍ عمله بعضُ شعرائها، وهو: [من الطويل]

لِخَيرِ إمامٍ قام من خير عنصرٍ … وأفضلِ راقٍ كان أعوادَ منبرِ

الأبياتِ المتقدِّمة [عند مقتلِ الأمين] (٧) فلمَّا قرأها [المأمون] بكى وقال: أنا واللهِ طالبٌ ثأرَ أخي، قتل اللهُ قَتَلَتَه، وكتب إليها في ظهرها يقول: [من الوافر]

يَعزُّ عليَّ ما لاقيتُ فيه … وأنتِ الأمُّ خيرُ الأمَّهاتِ

ولم أرضَ الذي فعلوا بتِرْبي … من القتل المبرِّحِ والشَّتات

أمرتُ بأخذ هذا الأمرِ منهُ … وقبضِ يديه عن تلك الهَنَات


(١) في (خ): البرايا، والمثبت من المصادر. انظر العقد الفريد ٢/ ١٣٥، وشرح ديوان الحماسة، وتاريخ بغداد ١١/ ٤٣٥، والتذكرة الحمدونية ٤/ ١١٤، والوافي ٧/ ٢٥٣. والبيتان لأبي دَهْبَل الجمحي كما في الحماسة والتذكرة الحمدونية.
(٢) في (خ): القدر، والمثبت من المنتظم، وفي باقي المصادر: القد.
(٣) في المصادر: والحلق.
(٤) في تاريخ بغداد: وَيعُرُّ، وفي المنتظم: ويعز.
(٥) في (خ): وقال المعافى بن زكريا.
(٦) ما بين حاصرتين من (ب).
(٧) انظر الصفحة ٣١٦.