وقال قتادة: كان يوسف مدفونًا عند مدينة مَنْف، وهناك مسجده، قال: ولما حمله موسى معه، دفنه خارجًا من المغارة التي فيها إبراهيم، وإنما لم يدفن معهم في المغارة لأنه تدنَّس بالدنيا وآباؤه لم يتدنسوا منها بشيء.
وقال عكرمة: كان هارون في المقدمة وموسى في الساقة. وخرج فرعون في طلبهم في ألف ألف من القبط، وسبع مئة ألف حصان، منها مئة ألف حصان دهم، وهامان على مقدمته في ست مئة ألف، ولم يكن في خيل فرعون أنثى.
﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ﴾ أي تقابلا بحيث يرى كلُّ فريق منهما صاحبه ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء: ٦١] هذا البحر بين أيدينا والعدوّ مِنْ خلفنا، فقال موسى: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦٢] وكان يوشع بن نون بين يديه، وقيل: مؤمن من آل فرعون، فقال له: يا نبي الله أين أُمِرْتَ أن تنزل؟ فيقول: أمامك، فيقول: وهل أمامي إلا البحر؟ فيقول: والله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْتُ. فوصل موسى إلى بحر القُلْزُم ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ﴾ [الشعراء: ٦٣] وأوحى الله إلى البحر أن أطع موسى، فضربه فتوقف، فقال الله: كَنِّهِ، فقال: انفلقْ أبا خالد، فاضطرب البحر وانفلق وقام الماء كأمثال الجبال، وصار في البحر اثنا عشر طريقًا على عدد الأسباط، وكانوا اثني عشر سبطًا، كل سبط اثنا عشر ألفًا، وكلهم من ولد يعقوب.
وقال ابن عباس: صار بين كلِّ طريقين كالطود العظيم من الماء، فكانوا يمرُّون فيه فلا يدري هذا السبط ما حال السبطِ الآخر، فاستوحشوا وخافوا أن يكون قد غرق بنو أعمامهم، فأرسل الله على أرض البحرِ الشمسَ والريح فصارت يبسًا، فذلك قوله تعالى: ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا﴾ ليس فيه ماء ولا طين ﴿لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى﴾ [طه: ٧٧] من البحر، وكان الماء في غاية الزيادة، وصار الماء مثل الشبابيك، فكان بعضهم يرى بعضًا ويأنس بحديث بعض.
وسئل ابن عباس عن مكان لم تطلع عليه الشمس إلا مرة واحدة، فقال: المكان الذي انفلق لبني إسرائيل (١).