للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نسي الأول، وإذا حفَّظته النصف الأول نسي الثاني] (١)، فاستيقظ المأمونُ فقال: ما فعلت؟ فأخبرته، فقال: هذا رجلٌ يحفظ التأويلَ ولا يحفظ التنزيل، اذهب فصلِّ بهم واقرأ بأيِّ سورةٍ شئتَ.

وحكى الخطيبُ (٢) أيضًا أنَّ الواقديَّ كان يقول: حفظت أكثرَ من كتبي.

وقال بإسناده (٣) إلى هارونَ بن عبدِ الله الزُّهريِّ القاضي قال: كتب الواقديُّ إلى المأمون رقعةً يذكر فيها غَلَبة الدَّين وغمَّه بذلك، فوقَّع على ظهرها: فيك خَلَّتان: السَّخاء والحياء؛ فأما السَّخاء، فهو الَّذي أطلق ما ملكتَ، وأمَّا الحياء، فهو الَّذي منعك من إطلاعنا عليك فيما أنت عليه، وقد أمرنا لك بكذا وكذا، فإن كنَّا أصبنا (٤) إرادتَك في بسط يدك، فإنَّ خزائن اللهِ مفتوحة، وأنت كنت حدَّثتني وأنت على قضاءِ الرشيد عن محمد بنِ إسحاقَ، عن الزُّهريِّ، عن أنس بن مالك، أنَّ رسولَ اللهِ قال للزّبير: "يا زبير، بابُ الرزق مفتوحٌ بإزاء العرش، يُنزِل اللهُ للعباد أرزاقَهم على قَدْر نفقاتهم، فمن قلَّل قلّل له، ومن أكثر كثِّر له" (٥).

قال الواقدي: وقد كنت أُنسيت هذا الحديث، فكان تَذْكِرَتُهُ إياي أحبَّ إليَّ من جائزته، وكانت الجائزة مئة ألف درهم.

وقد حكى الواقعةَ] الحارثُ بن أبي أسامةَ قال (٦): كتب الواقديّ إلى المأمون رقعةً يذكر فيها غَلَبة الدَّين وغمَّه بذلك، فكتب المأمونُ على رقعته: أنت رجلٌ فيك خَلَّتان: السخاءُ والحياء، فالسَّخاء يُطلق ما في يديك، والحياءُ يمنعك من إبلاغنا حاجتَك، وقد أمرتُ لك بمئة ألفِ درهم، فإن كُنْتُ أصبت، فازددْ في بسط يدِك، وإن كنت لم أُصِب، فأنت الجاني على نفسك؛ فإنك حدَّثتني عن محمد بنِ إسحاق، عن الزُّهري،


(١) ما بين معكوفين هنا ليست في (ب) واستدرك من المصدر.
(٢) في تاريخه ٤/ ٩.
(٣) في تاريخه ٤/ ٢٩.
(٤) في (ب): أرصدنا، والتصويب من تاريخ بغداد.
(٥) وأخرجه بنحوه ابن عدي في الكامل ٤/ ١٥٠١، وأبو نعيم في الحلية ١٠/ ٧٣، وابن الجوزي في لموضوعات (٩٢٥) من حديث الزبير .
(٦) في (ج): وقال الحرر [كذا] بن أبي أسامة.