للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَلًا لفضلك والفواضلُ شِيمةٌ … رَفَعَتْ بناءك للمحلِّ الرافع

إلَّا العلوَّ عن العقوبة بعدما … ظفرتْ يداك بمستكينٍ خاضع (١)

ورحمتَ أطفالًا كأفراخ القَطا … وعويلَ عانسةٍ كقوس النازع (٢)

اللهُ يعلم ما أقول فإنَّها … جَهدُ الأَليَّة من حَنيفٍ راكع

ما إنْ عصيتُك والغواةُ (٣) تقودني … أسبابُها إلَّا بنيَّةِ طائع

حتَّى إذا علقتْ حبائلُ شِقوتي … بردًى إلى حُفَر المهالكِ هائع (٤)

لم أدرِ أنَّ لمثل جُرمي غافرًا … فوقفتُ أنظر أيُّ حتفٍ صارعي

ردَّ الحياةَ عليَّ بعد ذهابها … وَرَعُ الإمامِ القادرِ المتواضع

أَحياك مَن ولَّاك أطولَ مدَّة … ورمى عدوَّك في الوَتين بقاطع (٥)

كم من يدٍ لك لم تحدِّثْني بها … نفسي إذا آلت إليَّ مطامعي (٦)

أَسديتَها عفوًا إليَّ هنيئةً … فشكرتُ مصطنعًا لأكرمِ صانع

إنْ أَنْتَ جُدتَ بها عليَّ تكن لها … أهلًا وإن تمنع (٧) فاعدلُ مانع

إنَّ الذي قَسَمَ الخلافةَ حازها … في صُلب آدمَ للإمام السابع

فقال المأمون: قد عفوتُ عنك، فاستأنف الطاعةَ متجرِّدًا عن الظِّنَّة، يَصْفُ عيشُك. وأمر بإطلاقه ورد ضِياعه عليه، فقال: [من البسيط]

رددتَ مالي ولم تبخل عليَّ به … وقبل ردِّك مالي قد حقنتَ دمي

وأُبتُ عنك وقد خوَّلتَني نِعَمًا … هما الحياتانِ من موتٍ ومن عدمِ

فلو بذلتُ دمي أَبغي رضاك به … والمال حتَّى أَسُلَّ النعلَ من قدمي


(١) البيت الذي قبله في المصادر:
وعفوت عمن لم يكن عن مثله … عفو ولم يشفع إليك بشافع
(٢) في (خ): نازع.
(٣) في (خ): والغزاة.
(٤) الهيعة والهائعة: الصوت تفزع منه وتخافه من عدو، وليل هائع: مظلم. القاموس المحيط (هيع).
(٥) في (خ): الكوبن القاطع.
(٦) في (خ): هبني إذا آلت إلي مطالع.
(٧) في (خ): تخشع.