للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى موضعه.

[قال:] وأقام المأمونُ عند الحسنِ سبعةَ عشرَ يومًا يقوم به وبجميع مَن معه، وخلع على القوَّاد على قَدْر مراتبهم ووصلهم، فكان مبلغُ نفقته عليهم خمسين ألفَ ألفِ درهم، وأمر المأمونُ أن يُقطَعَ الحسنُ فمَ الصِّلح ويُحملَ إليه عشرةُ آلافِ ألفِ درهم، فحُملت إليه، ففرَّقها في قوَّاد المأمونِ وخدمه، وانصرف المأمونُ ببُورانَ إلى بغداد.

وكتب الحسنُ رِقاعًا فيها أسماءُ ضِياعه ونثرها على القوَّاد وبني هاشم، فمَن وقعت بيده رقعة فيها اسمُ ضَيعة، أقرَ له بها وسلَّمها إليه.

[وفي رواية الطَّبريِّ أن الحسنَ بن سهلٍ كان] يصف (١) رجاحةَ عقلِ أم جعفر زبيدةَ وفهمَها، فقال: سألها المأمونُ وسأل حمدونةَ بنت غضيض بفم الصِّلح: كم أنفقتما على بُوران؟ فأما حمدونةُ فقالت: أنفقتُ خمسة وعشرين ألفَ ألفِ درهم، وأما أمُّ جعفر فقالت: ما أنفقت شيئًا، وكانت قد أنفقت ما بين خمسةٍ وثلاثين ألفَ ألفِ درهمٍ إلى سبعةٍ وثلاثين ألفَ ألفِ درهم، ونحلتها أمُّ جعفرٍ في ذلك اليومِ فمَ الصِّلح، وكانت له قبل ذلك.

[قال الصُّولي:] ولما بنى المأمونُ ببوران، فرش له الحسنُ [بن سهلٍ يومَ البناء] (٢) حصيرًا (٣) من ذهب مسفوف، ونُثر عليه جوهرٌ كثير، فجعل بياضُ الدُّرِّ يُشرق على صُفرة الذهب، وبعث الحسنُ إلى المأمون: هذا نِثارٌ اسأل أن يُلتقط، وكان حول المأمون بناتُ الخلفاء، فلم يمدَّ أحدٌ يدَه إليه، فقال المأمون: شرِّفْن أَبا محمَّد، فمدَّت كلُّ واحدةٍ منهن يدَها فأخذت دُرَّة، وبقي الباقي يلوح على الحصير، فقال المأمون: قاتل اللهُ أَبا نُواس، فقد شبَّه بشيء ما رآه قطّ، حيث وصف الخمرَ والحَبَابَ (٤) الذي فوقها فقال (٥): [من البسيط]


(١) في (خ): وكان الحسن يصف.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) في (خ): حصرًا، والمثبت من (ب)، وهو الموافق لما في تاريخ بغداد ٨/ ٢٨٥، والمنتظم ١٠/ ٢١٧.
(٤) حبَاب الماء: فقاقيعه التي تطفو كأنها القوارير. القاموس المحيط (حبب).
(٥) الديوان ص ٤٠.