للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى الحافظ أبو القاسم في "تاريخ دمشق" عن أبي الحسين الرازي أنه قال: الأطوار التي كُلِّم عليها موسى أربعة: طور سيناء، وهو بالقرب من بحر القُلْزُم، والطوو الذي ببيت المقدس، والطور الذي بطبرية عند أكيال، والطور الذي بدمشق، وهو جبل كوكبا موضع الكنيسة الخربة، وكَوكَبا قبلي دارَّيا (١). قلت (٢): والأصحُّ أنما خوطب على جبل الطور الذي بقرب القُلْزُم.

وقوله تعالى: ﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ أي: غُشِيَ عليه، وقال قوم: مات. والأول أصحُّ، لأنه لو مات ما عاش أبدًا ﴿فَلَمَّا أَفَاقَ﴾ عادت روحه إليه و ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ﴾ - وهذا دليل على أنه لم يمت - أي: نزَّهتك ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: ١٤٣] أنك لا تُرَى في دار الدنيا، وأن من رآك مات.

وقد روى أبو أحمد بن عدي عن أنس قال: قال رسول الله : "لما تجلى ربُّه للجَبلِ أشارَ بإِصبَعهِ فمرَّ نُورٌ جَعلهُ دَكًّا" (٣) قال جدي هذا الحديث في "الموضوعات" ولا يصحُّ هذا عن رسول الله ، وهو من عمل ابن أبي العوجاء، وكان زنديقًا. وكذا حديث: "إنَّ اللهَ أخرجَ خِنصَرهُ فَضربَ بِهِ عَلى إبهامِهِ فَساخَ الجَبلُ" (٤) من عمل ابن أبي العوجاء.

قلت: وقد أخرج هذا الحديث أحمد بن حنبل في "المسند" فقال: حدثنا أبو المثنى مُعاذ بن مُعاذ العنبري، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، عن النبي في قوله: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ [الأعراف: ١٤٣] قال: هَكذا- يعني أنه أخرج طرف الخنصر- قال أحمد: أراناه معاذ- قال: فقال له حميد الطويل: ما تريد إلى هذا يا أبا محمد؟ قال: فضرب صدرَهُ ضربةً شديدة وقال: من أنت يا حُميد، أو: وما أنت يا حُميد؟ يُحدِّثنُي به أنس بن مالك عن النبي فتقول: ما تريدُ إليه (٥)!.


(١) "تاريخ دمشق" ٦١/ ١٥.
(٢) في (ب): قال المصنف .
(٣) ابن عدي في "الكامل" ١/ ٣٤٢. وأخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (٢٥٨).
(٤) أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (٢٥٩).
(٥) أحمد في "مسنده" (١٢٢٦٠).