للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آثارَهم، فالعهدُ قريب، والملتقَى بعيد.

وقال: سمعت أعرابيًّا يقول: إنَّ الدنيا تنطق بغير لسان، فتُخبر عمَّا يكون بما قد كان.

وقال: قلت لأعرابيّ: حدِّثني عن ليلتك مع فلانة، فقال: نعم، خلوتُ بها والقمرُ يُرينيها، فلمَّا غاب أَرتْنيه، قلت: فما كان بينكما؟ فقال: الإشارةُ لغير ما باس، والدنوُّ بغيرِ إِمساس، ولَعمري إن كانت الأيامُ طالت (١) بعدها، لقد كانت قصيرةً (٢) معها.

أَنشدني عليُّ بن الحسن الإسكافيُّ في المعنى وقال: [من المنسرح]

ما إنْ دعاني الهوى لفاحشةٍ … إلَّا نهاني (٣) الحياءُ والكرمُ

فلا إلى ريبةٍ مددتُ يدي … ولا مشتْ لي بزلَّةٍ قَدَمُ

و [حكى الخرائطيُّ عن الأصمعيّ] (٤) قال: خلا رجلٌ من الأعراب بامرأةٍ وقعد بين رجليها، ثم قام سالمًا منها، فقالت له: ما لك؟! فقال: إن امرأً باع جنَّةً عرضُها السماواتُ والأرضُ بعَرْضِ ما بين (٥) رِجلَيكِ لَقليلُ الخبرةِ بالمساحة.

وقال: قيل لأعرابيّ -وقد تزوَّج بنت عمٍّ له-: أَيسرُّك أن تظفرَ بها الليلة؟ فقال: نعم والذي منعني عنها وأَشقاني بطلبها، قيل له: فإن ظفرتَ بها ما كنت صانعًا؟ فقال: أُطيع الحبَّ في لثمها، وأعصي الشيطانَ في إِثمها، ولا أُفسد عشقَ سنينَ بما يَبْقى ذميمُ عاره، ويُنشْر قبيحُ آثاره، في لحظةٍ تَنْفَد لذَّتها، وتبقى تَبِعتها، إنِّي إذن لَلئيم، لم يَغذُني أصلٌ كريم.

وقال: قلت لأعرابيَّة: ما تعدُّون العشقَ فيكم؟ فقالت: القُبلة والضمَّة والغَمزة، ثم قالت: [من مجزوء الرجز]

ما الحبُّ إلَّا قُبلةٌ … وغمزُ كفٍّ وعضدْ


(١) في (خ): أطالت، والمثبت من تاريخ بغداد ٧/ ٢٦٩.
(٢) في (خ): قصيرها، والمثبت من تاريخ بغداد.
(٣) في (خ): ونهاني، وهو خطأ، والمثبت من المستطرف ٢/ ٣٥١، وفي مصارع العشاق ٢/ ٢٦٣: إلَّا عصاه …
(٤) ما بين حاصرتين من (ب).
(٥) في (ب): بفتر بين. والفِتْر: ما بين طرف الإبهام والسبّابة إذا فتحتهما. مختار الصحاح (فتر).