للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعطيك الخادمُ فأَصلح به من شأنك، فقد غمَّني سوءُ حالك، فامتنعتُ، فقالت: ليس هذا مما تظنّ، ولكن لا أحبُّ أن أراك في هذا الزِّيّ، قال: فأخذت الصُّرَّةَ -وفيها خمسُ مئة دينار (١) - فغيَّرت من حالي. وهذا حديثٌ مختصر.

وروى الخطيبُ بإسناده إلى] أشجعَ السُّلميِّ (٢) قال (٣): أذن [لنا] المهديُّ [و] للشُّعراء في الدُّخول عليه، فدخلنا، فأمرنا بالجلوس، فاتَّفق أن جلس إلى جانبي بشارُ بن برد، فقال: يا أشجع، مَن هاهنا؟ قلت: أبو العَتَاهية، قال: أَتراه يُنشد في هذا المحفل؟ قلت: ما أعلم، فقال له المهديّ: أنشِدْ، فأَنشد: [من المتقارب]

ألا ما لسيِّدتي مالها

فقال بشار: ويحك، رأيتَ أَجسرَ (٤) من هذا يُنشد مثلَ هذا في هذا الموضع؟! فلمَّا بلغ إلى قوله:

أتته الخلافةُ منقادةً … إليه تجرِّر أَذيالها

ولم تَكُ تصلح إلَّا له … ولم يَكُ يَصلح إلَّا لها

ولو رامها أحدٌ غيرُه … لَزُلزلت الأرضُ زِلزالها

ولو لم تُطعْه سَخًا بالنُّفوس (٥) … لَما قبل اللهُ أعمالها

فقال له بشَّار: ويحك يا أشجع، هل طار الخليفةُ من الفُرُش؟! قال أشجع: فما انصرف أحدٌ من ذلك المجلسِ بجائزة غيرُ أبي العتاهية.

و [حكى الخطيبُ (٦) عن] العُتبيِّ قال (٧): رُئي مروانُ بن أبي حفصةَ واقفًا بباب الجسر كئيبًا حزينًا أسفًا، ينكت بسَوطه في مَعْرَفة (٨) دابَّته، فقيل له: يا أبا السِّمط، ما الذي بك؟


(١) في تاريخ بغداد: ثلاث مئة دينار.
(٢) في (ب) و (خ): الأسلمي، والمثبت من تاريخ بغداد ٧/ ٢٣٣.
(٣) في (خ): وقال أشجع … ، وما بين حاصرتين من (ب).
(٤) في (ب) و (خ): أحسن، والمثبت من تاريخ بغداد.
(٥) في تاريخ بغداد: بنات النفوس، وفي تكملة الديوان ص ٦١٣: بنات القلوب.
(٦) في تاريخه ٧/ ٢٣٤ - ٢٣٥.
(٧) في (ج): وقال العتبي.
(٨) الموضع الذي ينبت عليه العُرف. مختار الصحاح (عرف).