للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشفاعةُ والميزان! فقال: أَدخِله، فلمَّا دخل قال له: ويحك مَن تعبد؟! وأين ربُّك؟! وما تقول فيما نُقل عنك؟ فقال: ما جئتك لهذا، إنَّما جئتك في كتابٍ أَقرؤه عليك، قال: لا، ولا كرامة، حتى أعلمَ ما أنت عليه، قال: أَوَ تُعفيني؟ فقال: لا أُعفيك، قال: أمَّا إذا أبيتَ، فإنَّ ربِّي نورٌ في نور، فصاح أبي: اقتلوه، فإنَّه واللهِ زنديق.

وقال الإمامُ الشافعيُّ (١) رحمة اللهِ عليه: قلت لبِشر: ما تقول في رجلٍ قُتل وله أولياءُ صغارٌ وكبارٌ، فهل للكبار أن يقتلوا القاتلَ دون الصِّغار؟ قال: لا، قلت: فقد قَتَلَ الحسنُ بن عليٍّ ابنَ مُلْجِمٍ ولعليٍّ رضوانُ الله عليه أولادٌ صغار، فقال: أخطأَ الحسن، فقلت: أما عندك جوابٌ أحسنُ من هذا؟! قال الشافعي: فهجرتُه من يومئذ (٢). [قلت: إنَّما قتله الحسنُ سياسة، وللإمام هذه الولاية، وهذا جوابُ أبي حنيفةَ في المسألة.

قال الخطيب:] (٣) قال الشافعيّ: قلت لبِشر: أَدخلك اللهُ جهنمَ في أسفلِ سافلينَ مع فرعونَ وهامانَ وقارون، فقال لي بِشر: أسكنك اللهُ أعلى عِلِّيين مع إبراهيمَ ومحمدٍ وعيسى وموسى. يعني أنَّه يستهزئ؛ لأنَّه ما كان يعتقد جنَّةً ولا نارًا.

قال: وكان إذا دعا قَلَبَ يديه إلى الأرض، وجعل باطنَهما إلى الأرض، ويقول: إنَّ اللهَ تعالى في الأرض تحتها كما هو فوق السماء.

[وحكى الخطيبُ (٤) عن] إسحاقَ بن إبراهيم [أنه] مرَّ (٥) ببغدادَ في طريقٍ والناسُ مجتمعون على بِشر، فمرَّ يهوديٌّ فقال: أيها الناس، احذروه لا يُفسِدْ عليكم دِينَكم وكتابَكم كما أفسد علينا أبوه نبيَّنا (٦) وكتابَنا. يعني التوارة، وكان أبوه غياثٌ يهوديًّا.


(١) كما في تاريخ بغداد ٧/ ٥٣٦.
(٢) بعدها في (ف): وعلمت أنَّه فاسد الحال. وليس هو في تاريخ بغداد. وتنظر المسألة في الأم ٧/ ١٣٦، ووسائل الأسلاف إلى مسائل الخلاف للمصنِّف ص ٦٤٨ - ٦٥١.
(٣) في تاريخه ٧/ ٥٣٦ - ٥٣٧. وما بين حاصرتين من (ب).
(٤) في تاريخه ٧/ ٥٣٧.
(٥) في (خ) و (ف): ومر إسحاق بن إبراهيم.
(٦) في (ب): ديننا.