للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنَسفعنَّكمُ سفعًا يَذِلُّ له … ربُّ السرير ويشجا (١) صاحب الشيزِ (٢)

فابكوا على التمر أبكَى اللهُ عينكُم … في كل أضحى وفي فطرٍ ونيروزِ

من أبيات

وفيها وجَّه المعتصمُ الأفشين -واسمه حيدر (٣) بن كاوس- إلى البذِّ، وعقد له على الجبال وحربِ بابك الخُرَّمي، ووصله بألف درهم (٤)، ويوم لا يركب خمسة آلاف درهم، وكان بابك من مدينة البذّ، فسار الأفشين إلى قتاله، فنزل بَرْزَند وبنى الحصون التي خرَّبها بابك فيما بين أردبيل وبَرْزَند، وخندق على نفسه، وبثَّ العساكرَ بينه وبين بابك.

ذكر واقعةٍ كانت بينهما

وسببه أنَّ المعتصم بعثَ بمالٍ مع بغا الكبير إلى الأفشين ليفرِّقه في الجند، فوصل إلى أَرْدَبيل، وبلغ بابك، فخرج ليقطعَ عليه الطريق، وبلغ الأفشين، فكتب إلى بغا بأنْ يُقيم بأردبيل حتى يأتيه أمره، وقال: أظهر أنَّك خارجٌ إلى بَرْزَند، وهيِّئ المال على الإبل، وسِرْ عن أردبيل عن فرسخين، ثمَّ ارجع في الليل إلى أردبيل. وكان مقصود الأفشين أنْ يَعلمَ بابك بخروج بغا فيقصدَه، وبلغ بابك خروجُ بغا من أردَبيل فقصدَه، وسار الأفشين في ذلك اليوم يريدُ أردبيل، ولم يعلم بابك بمسيره، وقد فاتَه المال، فنازل حصنًا للمسلمين، ووضِعَ له كرسيٌّ، وقعدَ يشرب الخمَر على عادته، وكان الهيثم -من أصحاب الأفشين- قد التجأ إلى هذا الحصن في أربع مئة فارس وست مئة راجل، وخندقَ عليه، فأرسل إليه بابك: خلِّ الحصن واخرج حتى أهدمَه، فلم يفعل، وكان الأفشين على أقل من فرسخٍ من الحصن، ولم يعلم به بابك، وبلغ الأفشين الخبرُ، فسار من ساعته، فرأى بابك على الحصن جالسًا على الكرسيِّ يشربُ الخمر،


(١) في (خ) و (ف): ويسخا.
(٢) في تاريخ الطبري: التيز والشيز: هو خشب الأبَنُوس.
(٣) كذا ذكره المصنف، وفي تاريخ الطبري ٩/ ١١: خيذر. قال ابن خلكان في وفيات الأعيان ٥/ ١٢٣: الأفشين بكسر الهمزة وفتحها، واسمه: خَيذَر، بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الذال المعجمة، وبعدها راء؛ وإنما قيدته لأنه يتصحف على كثير من الناس بـ: حيدر، بالحاء المهملة. انتهى.
(٤) كذا في (خ) و (ف) والصواب: بعشرة آلاف درهم في كلِّ يومٍ يركبُ فيه. انظر المنتظم ١١/ ٥٣.