للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المعتصم وهو في قصره بسامرَّاء، فقام من وقته، فركبَ فرسه، وسمَّط خلفه خُرْجه وسكَّة حديد، ولم يستقم له أن يخرج إلا بعد التعبئة (١)، فجلسَ في قصره واستدعى القضاةَ والعدول من أهل بغداد، فجاؤوا، وكان القاضي عبد الرَّحمن إسحاق وشعيب ابني سهل (٢)، ومعهما ثلاث مئة وثلاثة وعشرون (٣) رجلَّا مَن أهل العدالة، فأشهدهم على ما وقف من الضِّياع، فجعل ثلثًا لولده، وثلثًا لمواليه، وثلثًا في سبيل الله.

ثمَّ عسكر بغربي دجلة، وبعث في مقدمته عُجيف بن عنبسة، وعمرًا الفرغاني، ومحمَّد كوتة، وجماعةً من القواد، فساروا إلى زِبَطْرة، فوجدوا توفيل قد رجع إلى القسطنطينية، فقال المعتصم: أيُّ بلاد الروم أمنع وأحصن؟ قالوا: عَمُّورية، ولم يعرض لها أحدٌ من المسلمين من أول الإسلام، وهي عينُ النصرانيَّة، وهي أشرف عندهم من القسطنطينية، فسار المعتصم في العساكر إليها في هذه السنة بعدما قتل بابك، وقيل: في سنة أربع وعشرين ومئتين، فيقال: إنَّه تجهَّز جهازًا لم يتجهزهُ خليفةٌ قبلَه من السلاح والعدَّة والآلة والخيل والدوابّ والقِرَب والحديد والنِّفط وغيره، وجعل على مقدمته أشناس، ويتلوه محمَّد بن إبراهيم، وعلى ميمنته إيتاخ، وعلى ميسرته جعفر بن دينار بن عبد الله، وعلى القلب عُجيف، وقدَّم الأفشينَ بين يديه بالدخول من درب الحَدَث، وسمَّى له يومًا بعينه أن يكون دخوله فيه، وكذا أشار إلى أشناس، وأمر المعتصمُ أشناس أن يدخل من درب طرسوس، ويوافيه بالصفصاف.

وكان شخوصُ أشناس يوم الأربعاء لثمانٍ بقينَ من رجب، وبعث المعتصم وصيفًا في إثر أشناس على مقدماته، ورحل (٤) المعتصم يوم الجمعة لستٍّ بقين من رجب، ثمَّ كتب إلى أشناس بمرج الأُسْقُف على (٥) الأثقال والزاد والمجانيق، وأخبره أن توفيل


(١) في (خ) و (ف): البيعة. وهو تصحيف. والمثبت من تاريخ الطبري ٩/ ٥٦ والكامل لابن الأثير ٦/ ٤٨٠.
(٢) كذا في (خ) و (ف). وفي تاريخ الطبري ٩/ ٥٦: عبد الرَّحمن بن إسحاق وشعيب بن سهل. وفي الكامل ٦/ ٤٨٠ وشعبة بن سهل.
(٣) في تاريخ الطبري والكامل: وثمانية وعشرون.
(٤) في (خ) و (ف): ودخل. والتصويب من تاريخ الطبري ٩/ ٥٨، والمنتظم ١١/ ٨٠.
(٥) كذا وقعت العبارة في (خ) و (ف)، ووضع فوقها في (خ): كذا.
وتمامها: ثم كتب إلى أشناس بمرج الأسقف أن ينتظر موافاة الساقة لأن فيها الأثقال … انظر تاريخ الطبري ٩/ ٥٨.