للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليها، فنزلتُ بقريةٍ يقال لها باعيناثا أو كراثا، فأخلي لي بها بيتٌ، فخرجتُ وقت السحر أطلب الكنيف، فرأيته ضيِّقًا، فخرجتُ إلى ظاهر القرية، وإذا بتلٍّ فبُلتُ عليه، فقال لي صاحب البيت: هل تدري على أيِّ شيء بُلْتَ؟ قلت: بُلْتُ على تلِّ تراب، فضحك وقال: هذا قبرُ قائدٍ من قوَّاد المعتصم يقال له عُجيف، سخط عليه وحمله مقيَّدًا، فلمَّا صار هاهنا قتلَه، وطرحه تحت الحائط، فلمَّا انصرف العسكرُ ألقينا عليه الحائطَ خوفًا أن يأكله الكلاب، قال محمد الكاتب: فعجبتُ من بولي خوفًا منه ومن بولي فوق قبره.

[واسم هذا الكاتب محمَّد بن الفضل الجرجاني، ووزر بعد ذلك للمعتصم] (١).

ثم تتبَّعَ المعتصمُ باقي القواد والفراغنة من الأتراك فقتلَهم، ورُدَّ سالمًا غانمًا، وسمِّي العباسُ يومئذٍ اللعين.

[وقال الصوليُّ: كان العباسُ فاجرًا، حدَّه أبوه المأمون] (٢) في الخمر مرارًا، وفيه يقولُ جعفر بن القاسم: [من الكامل]

أبت الخلافةُ أن ينال بها … من حُدَّ في خمارة البردانِ

وقال يحيى بن مروان في العباس وعُجيف: [من الوافر]

ألا يا دولةَ المعصوم (٣) دومي … فإنَّك قلتِ للدنيا استقيمي

هو العباسُ حين أراد غَدْرًا … فوافى إذْ هَوى قَعرَ الجحيمِ

كذاك هَوى كمهواه عُجيفٌ … فأصبحَ في سواء لظى (٤) السموم (٥)

وفيها دفعَ المعتصمُ خاتمه إلى ابنه هارون، وأقامه مُقام نفسه، واستكتب له سليمان


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) في (خ) و (ف): وكان المأمون حدَّ ابنه العباس … والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٣) في (خ) و (ف): المعتصم. والمثبت من الأغاني.
(٤) في (خ) و (ف): لظى سواء. والمثبت من الأغاني.
(٥) من قوله: وقال يحيى. إلى آخر الأبيات ليس في (ب). والخبر ذكره الأصبهاني في الأغاني ١٢/ ٨٤ عن محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا الحسين بن يحيى قال: حدثني إبراهيم بن الحسن قال: لما كان من أمر العباس بن المأمون وعُجَيف ما كان، أنشد مروان بن أبي الجنوب المعتصمَ قصيدة … فذكر الأبيات.