للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودفع عُجيف بن عنبسة إلى إيتَّاخ، فثقَّله بالحديد، وحمله على بغل في محملٍ بغير وطاء.

فأمَّا العباس فكان في يد الأفشين، فلمَّا نزل المعتصم منبج، وكان العباس جائعًا، فقُدِّم إليه طعامٌ كثير، فلمَّا طلب الماء مُنع منه، وأُدرج في مِسْحٍ، فمات بمنبج.

ولمَّا نزل المعتصم نصيبين نزل ببستانٍ، ودعا صاحبه فقال: احفر لي بئرًا قدرَ قامة، ودعا بالفرغانيّ، والمعتصمُ قد شرب أقداحًا، فقال: جَرِّدوه، فجَرَّدوه، وضربه بالسياط حتى مات، وألقاه في البئر، وطمَّ عليه التراب.

وأمَّا عُجيف فإنَّ المعتصم سأل محمَّد بن إبراهيم بن مصعب، وكان في يده، فقال: ما فعل عُجيف؟ فقال: اليوم يموت، فدعاه محمد وقال له: ما تشتهي يا أبا صالح، فقال: أسفيداج وحلواء، فأطعمَه ذلك، وطلبَ الماءَ، فلم يسقه، فمات ودفن بباعَيناثا.

وقيل: إنه لمَّا مات بباعَيناثا مات (١) في محملٍ، فطُرِح عند صاحب المسلحة، وأمروه بدفنه، فجاء به إلى جانب حائطٍ خربٍ، فطرحه عليه، فقبره هناك (٢).

[ومن العجائب ما حكاه القاضي التنوخيُّ في كتاب "الفرج بعد الشدَّة" عن كاتب كان لعُجيف يتولّى ضياعَه، قال: فرفع] (٣) إليه أنَّني قد خنته، فبعثَ إليَّ مَن قيَّدني، وحُمِلتُ إليه، فأمر بالسياط فأُحضِرَت، وقال: أخربتَ ضياعي وأخذتَ مالي، والله لأقتلنَّك، فبلتُ في ثيابي وعلى ساقي، وقال له بعضُ كتَّابه: أيُّها الأمير، أنتَ مشغولٌ في هذا الوقت بالغزاة (٤)، وضَربُ هذا ما يفوت، والمصلحةُ حبسه حتى تتيقن ما قيل عنه، فحبسني ومضَى مع المعتصم إلى عَمُّورية، وبلغَه أنَّه يريد الفتك به (٥)، فقتلَه بالجزيرة، ثمَّ قدم المعتصمُ بغداد، فأطلقني، وولَّاني ديارَ ربيعة والجزيرة، فخَرجتُ


(١) في (خ) و (ف): كان. والمثبت من تاريخ الطبري ٩/ ٧٧.
(٢) من قوله: وقال محمد بن عبد الملك الزيات … إلى هنا ليس وفي (ب).
(٣) في (خ) و (ف): وقال محمد بن الفضل الجرجاني كاتب عجيف: رفع … والمثبت بين حاصرتين من (ب).
(٤) في الفرج بعد الشدة ٢/ ٢٧، والمنتظم ١١/ ٨٥: أنت مشغول القلب بهذا البناء.
(٥) لفظة: به. ليست في (ف). وفي (خ): بي. والمثبت من (ب).