﴿أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ [الكهف: ٦٦]. ﴿قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (٦٨) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾ [الكهف: ٦٧ - ٦٩] قال له الخَضِر: ﴿فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ [الكهف: ٧٠] قال: نعم، فانطلقا يمشيانِ على ساحل البحر فمرَّت بهما سفينةٌ فكلَّماهم أن يَحمِلُوهما فعرفوا الخضر، فحَمَلُوهما بغير نَوْلٍ، فعمد الخَضِر إلى لوحٍ من ألواحِ السَّفينةِ فنَزَعه، فقال له موسى: قومٌ حَمَلُونا بغير نَوْلٍ عمدتَ إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ [الكهف: ٧١] ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ [الكهف: ٧٢]. ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ [الكهف: ٧٣] الآية. ثم خَرَجا من السَّفينةِ فبَيْنَما هما يَمشيانِ على السَّاحِل إذا غلامٌ يلعبُ مع الصبيانِ، فأخَذَ الخَضِر برأسِه فاقْتَلَعه بيده، فقال له: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥)﴾ [الكهف: ٧٤، ٧٥] قال: هذه أشد من الأولى ﴿قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (٧٦) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ﴾ قال الخَضِر بيده فأقامه [الكهف: ٧٦ - ٧٧] فقالَ له موسى: قومٌ أتيناهم فلم يُضَيِّفونَا ولم يُطْعِمُونَا ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ [الكهف: ٧٧] ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ [الكهف: ٧٨] قال رسول الله ﷺ: "يرحم الله موسى لوددت أنه كان صبر حتى يُقَصَّ علينا من أَخبارِهما". قال: قال رسول الله ﷺ: "كانت الأولى من موسى نسيانًا". وجاء عُصْفور حتى وقع على حرف السفينة ثُمَّ نَقَر في البحر، فقال له الخضر: ما علمي وعلمَك وعلم الخلائق من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العُصْفُور مِنَ البحر.
قال سعيد بن جبير: وكان ابن عباس يقرأ: "وكان أمامهم مَلِك يأخذ كلَّ سفينةٍ صالحة غصبًا". وكان يقرأ:"وأما الغلام فكان كافرًا"(١).
وفي رواية: "فاضطَرَبَ الحوتُ في الماءِ فجَعَلَ لا يَلْتئم عليه حتى صَار مثلَ الكُوَّة،