للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالَ فتاه: ألا أَلحقُ نبيَّ الله فأخبرَه، فنسي. فلما تجاوَزا قال لفتاه: آتنا، وذكروه فيه؛ فرأى خضِرًا مُستلقِيًا على حُلَاوة القَفَا فقال: السَّلامُ عليكَ، فكشفَ الثوبَ عَن وَجْهه وقال: وعليكَ السَّلامُ، مَن أنتَ؟ فقالَ: موسى، فقال: ما جاءَ بك؟ فقال: جئتُ لِتعلِّمني مما عُلِّمت رُشدًا، فقال: شيءٌ أمرتُ به أنْ أفعَلَه إذا رأيتَهُ لم تصبرْ". ثم قال رسول الله عند هذا المكان: "رحمةُ الله علينا وعلى آل مُوسى لولا أنَّه عَجِل لَرَأى العَجَبَ، ولكنَّه أَخَذَتْهُ ذَمَامة من صاحبه". وكان إذا ذكر أحدًا من الأنبياء بدأ بنفسه. ثم قال: "فانطَلَقا حتى أتيَا أهلَ قريةٍ لئامٍ، فَطَافا المجالسَ فاستَطْعَما أهلَها، إلى قوله: ﴿هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ [الكهف: ٧٨]. قال: فأخذ بثوبه ثم تلا إلى قوله: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ﴾ إلى آخر الآية، وقال: فإذا جاء يُسَخِّرها وجدها منخرقةً فيتجاوز إلى غيرِها فأصلَحُوها بخشبةٍ. وأمَّا الغُلام فطُبعَ كافرًا يومَ طُبع وكانَ أبوَاه قد عَطَفا عليه فلو أنَّه أدرَكَهما أرهَقَهما طُغْيانًا وكُفرًا" (١).

وفي رواية: "وفي أصل الشَجَرةِ عينٌ يقالُ لها: الحياة لا يصيبُ من مائها شيءٌ إلا حيي، فأصَابَ الحوتَ مِن تلك العينِ فتَحَرَّك وانسلَّ من المِكْتَل، فدَخَلَ البحرَ" (٢).

وفي رواية: قيل له: خُذْ حوتًا مَيْتًا حتى يُنْفَخَ فيه الرُّوح، فدخلَ الحوتُ البَحْر فأمسك الله عنه جِرْيَةِ الماء، ووجَدَ الخَضِر على طِنفِسة خَضْراء على كَبِدِ البحر، وفيه: فقال الخَضر لموسى: أما يَكْفيك أنَّ التَّوراة بيدِك وأنَ الوحي يأتيك" (٣).

وفي رواية: إنَّ لكَ علمًا لا ينبغي لي أنْ أعْلَمَهُ، وإنَّ لي عِلْمًا لا يَنْبغي لكَ أن تَعْلَمه" وفيه: "فأضجعَ الغلامَ فَذَبَحَهُ بالسكِّينِ" وفيه: "فخَشينا ﴿أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ أن يَحْمِلهُمَا حُبُّهُ على أن يُتَابعاه فأُبْدِلا مَكَانه جارية" (٤). هذا قدر ما أخرج البخاري ومسلم في "الصحيحين" وعند البخاري غير مسند.

ويزعمون أن الملك: هُدَدُ بن بُدَد، واسم الغلام المقتول: جَيسور (٥)، وكانت


(١) صحيح مسلم (٢٣٨٠) (١٧٢).
(٢) صحيح البخاري (٤٧٢٧).
(٣) صحيح البخاري (٤٧٢٦).
(٤) صحيح البخاري (٤٧٢٦).
(٥) صحيح البخاري (٤٧٢٦).