للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنْ تعمل بالعلم، وإنْ لم تعمل بكلِّه (١)، فمن كل مئتين خمسة، مثل زكاة الورِق، فقال له أبي: ادع له، فقال: دعاؤك أبلغُ، فإنَّ دعاءَ الوالد لولده كدعاء النَّبيِّ لأمَّته، [قال:] فاستحسنتُ كلامَه، فدخلتُ الجامعَ يوم الجمعة، فإذا بشرٌ يصلِّي [في قبة الشعراء]، فقمتُ خلفَه أركعُ إلى أن نودي بالأذان، فقام رجل رث الهيئة، فقال: يا قوم (٢)، احذروا أن أكون صادقًا، فليس مع الاضطرار اختيار، ولا يحسن السكوت مع العلم، ولا السؤالُ مع الوجد (٣)، وثَمَّ فاقة، فأعطاه بشر قطعةً قدر دانق، [قال إبراهيم:] فقمتُ فأعطيتُه درهمًا، وطلبتُ الدانق منه، فأبى حتى أعطيتُه عشرةَ دراهم، فقال لي: يا هذا وما رغبتك في دانق تبذلُ فيه عشرةَ دراهم، فقلت: هذا رجلٌ صالحٌ، قال: فأنا في معروفه أرغبُ منك، [ولستُ أستبدل النعم نقمًا، وإلى أن آكل هذه] (٤) القطعة فرجٌ عاجل، أو أجلٌ [آجل، وفي لفظ: أو منيَّةٌ قاضية]، فقلت: انظروا معروفَ من عند من (٥)؟ ثم قلت: يا شيخ دعوة، فقال: أحيا الله قلبكَ ولا أماتَه حتى يميت جسمك، وجَعَلَك ممَّن يشتري نفسَه بكلِّ شيء، ولا يبيعُها بشيء (٦).

[قصة البطيخة:

قرأت على شيخنا الموفق بإسناده إلى فاطمة بنت أحمد أخت أبي علي الرُّوْذَباري قالت] (٧): كان ببغداد عشرةُ فتيان معهم عشرةُ أحداث، فوجَّهوا حَدَثًا منهم في حاجةٍ لهم، فأبطأ، وجاء وهو يضحك، وفي يده بطيخة، فحردوا عليه وقالوا: تبطئ وتجيء وأنت تضحك؟! فقال: جئتُكم بأعجوبةٍ، قالوا: وما هي؟ قال: وضع


(١) في (ف) و (ب): بكلمة.
(٢) في (خ) و (ف): يا بشر.
(٣) في (ب) وحلية الأولياء ومناقب الأبرار: الوجود.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب)، ومكانها في (خ) و (ف): وإن لهذه.
(٥) كذا في (خ) و (ف). وفي حلية الأولياء: انظروا معروف من آخذ؟، وفي مناقب الأبرار: انظروا معروف من بيد من؟ والجملة ساقطة من (ب).
(٦) لم أقف عليها في تاريخ بغداد، وأخرجها أبو نعيم في الحلية ٨/ ٣٤٧ - ٣٤٨، وأوردها ابن خميس في مناقب الأبرار ١/ ١٣٤ - ١٣٥. وما سلف بين حاصرتين من (ب).
(٧) ما بين حاصرتين من (ب)، ومكانها في (خ) و (ف): وقالت فاطمة بنت أحمد أخت أبي علي الروذباري.